يوم الأحد الماضي، كان سلمان العودة ضيفاً على برنامج «في الصميم» الذي يقدّمه المحاور المتميز عبدالله المديفر، الذي سأل الضيف: ما رأيك بحركات العنف في شكل عام وحركة «داعش» على نحو خاص؟ فأجاب العودة: «أنا عندي كتاب اسمه «أسئلة العنف»، واستطرد في الحديث عن الكتاب، من دون أن يعطي رأيه في تنظيم «داعش»، فطرح عليه المديفر سؤالاً آخر: مقاومة حركات العنف، في شكل عام، من أين تبدأ؟ فأجاب العودة: «لا بد أن تكون هناك منظومة متكاملة لمعالجة الانفجارات التي تحدث، هذا ضروري، لكنه لا ينهي المشكلة». وزاد: «حينما تكون عندك حالة إطفاء ويكون الغاز يضخ في هذا المكان، معناه أنت تطفئ والنار تتقد أكثر وأكثر». وأضاف: «أنت أمام قضية وظاهرة لا تعالج بمجرد الكلام ولا تعالج فقط بالمواجهة العسكرية والأمنية، إنما لا بد أن تكون هناك منظومة متكاملة من الحلول». هل كان سلمان العودة يرد على السؤال، أم يبرر الإرهاب هنا؟ ثم سأله المحاور عن سر جاذبية «داعش»، فتحدث عن قدرات التنظيم الإعلامية، والخطاب الديني المؤثر، والوعد بالنصر والتمكين وزوال حال الاستضعاف، وأشار إلى ضرورة وجود مشروع عربي يحقِّق أحلام الناس الجميلة. فقال له المديفر: «يعني ولو لم يكن هناك مشروع يجد الناس أنفسهم فيه سيتجهون إلى مثل هذا «العنف»؟ فأجاب العودة: «الإنسان داخله طاقة تتحرك، لا يمكن أن تقول له اجلس وخليك ساكت، لا بد أن تشغله بشيء، لا بد أن تحقق له بعض الأحلام حتى تضمن أن تكون الطاقة في مصرفها الصحيح». هل كان يبرر الإرهاب في هذه الإجابة؟ إذا لم يكن هذا تبريراً للإرهاب، فما هو التبرير إذاً؟ لكن العودة تذكّر أنه لم يعطِ رأيه بتنظيم «داعش»، فاستدرك قائلاً: أما السؤال عن «داعش» هل هو اختراق أم مؤامرة دولة، فهذا يجيب عنه المحلّلون السياسيون، أنا أجيب عن الجانب الشرعي». وأضاف: «الجانب الشرعي حالة غلو في الدين»، وقدّم درساً في الغلو. تجنّب العودة، كعادته، لإعطاء رأي واضح وصريح في تنظيم «داعش»، باعتبار أن هذا كلام في السياسة، على رغم أنه كان يتحدث طوال الحوار على طريقة السياسيين، وطرح حلولاً ومقترحات سياسية، وكان أشبه برئيس حزب سياسي، وحين جاء الحديث عن داعش»، تخلى عن السياسة. لبس ثوب الشيخ، رغم نفيه صفة الشيخ عن نفسه خلال اللقاء، وهو لم يصف تنظيم «الدولة» بالإرهاب، ولم ترد كلمة تطرُّف على لسانه، وبرّر مشروع «داعش» بغياب مشروع يحقِّق أحلام الناس، معتبراً الإرهاب نتيجة لعدم استغلال «طاقة» البشر، هكذا. لا شك في أن حوار سلمان العودة الأخير حجة إضافية على أنّ ماضيه لا يزال حاضراً. ما زال يتحاشى الحديث عن جرائم الجماعات الإرهابية، ورموزها، ويراوغ في التراجع عن ماضيه. الأكيد أن قواعد اللعبة لم تتغيّر يا سلمان العودة، أنت كما أنت، الفرق أنك اليوم في منتصف الطريق، لا تدري هل تكمل وتصل إلينا، أم ترجع. حين تقرر الخروج من مرحلة المنتصف يا سلمان، سنعرف حال قواعد اللعبة، هل تغيّرت أم لا.