الإفراج عن 879 سجيناً هو انفراج لنفس العدد من الأسر التي انتظرت بشغف ولهفة عودة الغائبين، والفرح في شهر البركات بحضور الأحبة، ومن امتلكوا عقال القلب ولجام الروح.. الأمر السامي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، نابع من إيمان سموه بأهمية لم الشمل، واقتراب الأهل من الأهل، وزرع الطمأنينة في النفوس، لأنها الجذر الذي يقوم عليه استقرار الوطن ونعيمه، ونتمنى أن تكون لهذه المكرمة، دروس ومواعظ للذين سيجدون في الحرية فضاء الحياة، المعشوشب بالحب وتلاقي الأحبة، هذه الحرية التي يجب أن تضع كل المفرج عنهم أمام مسؤولياتهم الاجتماعية، ورد الجميل بالأجمل لأن الوطن بحاجة إلى كل إنسان مواطن ومقيم لأنهم أنهاره التي تسقي أشجار مجده وعلو شأنهم ولأنهم الجدران العالية التي تنميه من رياح الزمن، هؤلاء هم الذين أكرمهم سموه بالإفراج، عليهم التزامات اجتماعية وأخلاقية ودينية تدفعهم لأن يحرقوا أوراق الماضي، ليبدؤوا صفحة جديدة مع الأهل والناس والوطن، تفتح كتاب السعي في مناكب الأرض من أجل بناء الذات، وتشييد منازل الأسر بقوة الإرادة، وصلابة العزيمة، وصدق التوجه نحو غايات تضع الماضي الأليم في سلة المهملات، وتبدأ إشراقة فجر جديد فيه ترسم الشمس خيوطاً من حرير لتصبح قماشة الحلم، أشف من الماء العذب.. هؤلاء المفرج عنهم نقول لهم مبروك لكم بالشهر الكريم، ومبروك لكم بالجلوس على موائد الإفطار بين الأهل والأقارب، مبروك بهذا الأمر السامي، الذي أخرجكم من الظلمات إلى النور وجعلكم تتمتعون بلذيذ الحياة وسعادة النظرة الأولى إلى طفلة اشتاقت لابتسامة أب، وحنان من أحبت وتلظت شوقاً للقائه، هذا الإفراج لم يفرج عن المساجين فحسب، وإنما عن ذويهم ومحبيهم الذين تشظوا هلعاً، لأجل لقاء يقرب العين من العين، ويدني الروح من الروح، وها هم الآن تتحقق لهم الأمنيات ويرفعون الأيدي شاكرين ضارعين صاغرين لله عز وجل ولمن منحهم الحرية.