أربعينات القرن الماضي.. الفيلم يقترب من نهايته، يحدث الصدام بين الباشا المتعجرف والعامل الجدع الشهم، وعادة يكون أنور وجدي الذي وقع في حب ابنة الباشا متجاهلا كل الفوارق الاجتماعية بينهما، يصيح فيه الباشا: اخرج من بيتي.. فيرد أنور وجدي: أنا خارج يا سعادة الباشا.. بس قبل ما اخرج، لازم أقول لك كلمتين.. وهنا يبدأ البطل في إلقاء محاضرة يلقن فيها الباشا درسا لا ينسى عن الحب والطبقة العاملة التي يفخر بالانتماء إليها.. باختصار يشرح للباشا أنه يمثل عظمة مصر الحقيقية وثروتها، ومع كل كلمة من محاضرته أو مونولوغه يشتعل الجمهور حماسا وتصفيقا ويدرك في الوقت نفسه أنه مشهد النهاية. إنه المشهد الأخير الذي يحرص مؤلفو الدراما على شحنه بالتوتر مع الحرص على إرسال رسالة العمل الفني للمتفرج بوضوح شديد. هناك دائما مشهد أخير يكشف فيه البطل عن خروجه من اللعبة معلنا نهايتها. يحدث هذا في المسرح والسينما، وفي السياسة أيضا. إن كثرة عدد القنابل التي تزرعها جماعة الإخوان في مصر هذه الأيام تشير بوضوح إلى إحساس قوي بالنهاية، نهايتهم. إنه المشهد الأخير الذي يقولون فيه للشعب المصري: أنا خارج يا سعادة الباشا.. بس قبل ما أخرج لازم أفرقع لك فرقعتين.. واقتل لك كم واحد مصري. المدهش أن المثل الشعبي المصري تنبه لهذه الصلة القوية بين الإحساس بالنهاية والمشهد الأخير، وذلك عندما قال: «كتّر من الفضايح، لنا رايح» الشخص الذي يتكلم عنه المثل الشعبي هنا، هو ذلك الشخص الذي اعتاد ارتكاب الفضائح، في اللحظة التي يشعر فيها أنه على وشك مغادرة المكان فإنه بشكل تلقائي يزيد من فضائحه. المشهد الأخير دائما كاشف لمصير البطل وأيضا لمسيرته في المشاهد السابقة. ومن السهل جدا قراءته، وخصوصا عندما يصيح وهو يتطوح منتشيا: هيه.. أنا جدع. هكذا يمكن قراءة التصريحات الأخيرة للسيد علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، التي قال فيها إن منطقة الشرق الأوسط كلها إيرانية. كما قال: سندافع عن كل شعوب المنطقة لأننا نعتبرهم جزءا من بلادنا. ثم شرح رسالة المشهد الأخير عندما قال: سنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والإلحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية. ياه.. ستقف ضد كل هؤلاء؟ ومع من ستقف؟ مع من ستكون صديقا أو حليفا؟ هل أنت جدع لهذه الدرجة؟ غير أن سيادة المستشار حل لي لغزا عجزت عن حله زمنا طويلا، وهو لماذا عجز محمد خاتمي في فترة رئاسته عن تحقيق أي تقدم في اتجاه الحرية في إيران؟ الإجابة هي: السيد المستشار كان رئيس جهاز مخابراته، هل تصدق أن شخصا يفكر بهذه الطريقة يمكن أن يصل إلى هذا المنصب؟ الآن فقط أفهم أنه أمده بكمية من المعلومات والأفكار الفاشية أثناء حكمه كانت كفيلة بجعله عاجزا عن تحقيق أي تغيير إيجابي في إيران. لقد أعلن الرجل أنه سيدافع عنا جميعا.. معنى ذلك أنه لا بد أن يستولي علينا أولا.. شكرا يا باشا، وتستطيع أن تسأل الملك قمبيز ماذا فعل به المصريون؟ هو أيضا استولى على مصر لكي يتمكن من الدفاع عنها. *نقلا عن الشرق الأوسط