الاتحاد - إذا أردت أن تكون سعيداً كُنْ». قال الأديب الروسي تولستوي، وفي حكمته أرى رسالة «وزارة السعادة» لسكان دولة الإمارات العربية المتحدة، ولبلدان عدة في المنطقة والعالم تملك أسباب السعادة لكنها تفتقر إلى إرادة وحكمة أن تكون سعيدة. و«السعادة ليست هبة، بل إنجاز يتحَدّى واقعه وقَدَره»، حسب الموسيقار بتهوفن، الذي تحدّى إصابته بالصمم وهجران حبيبته وأنجَزَ روائع موسيقية، بينها «السوناتا العاطفية»، و«سوناتا ضوء القمر»، التي لا تغادر ذهنك ما إن تسمعها، و«تماماً كحرص رجل الأعمال على تجنب توظيف كل رأسماله في شأن واحد، قد تنصحنا الحكمة بأن لا نتوقع السعادة كلها من قطاع واحد»، قال عالم النفس فرويد.
وعند الحديث عن الرأسمال والاستثمار لا نجد من يجيد إدارتهما كالإماراتيين، الذين عهدوا بـ«وزارة السعادة» إلى شابة، اسمها «عهود الرومي»، أدّت اليمين الدستوري مرتدية قلادة تحمل كلمة «سعادة» بالإنجليزية، ومع أن عمر «الرومي» 32 عاماً، فقد توّلت عدة مسؤوليات، بينها منصب مدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء، حيث أشرفت على تنفيذ «رؤية الإمارات 2021»، والاستراتيجية الوطنية للابتكار. و«الرومي» نافذة على مشهد مدهش لنساء الإمارات، حيث نسبة صانعات القرار 30% من مجموع صانعي القرار، ونسبتهن 66% من موظفي الدولة، و70% من خريجي الجامعات، والرقم القياسي العالمي 92% نسبة فتيات الإمارات الملتحقات بالمدارس الثانوية.
و«السعادة لا تكمن في السعادة، بل في نوالها»، حسب الأديب الروسي دستويفسكي. ونساء الإمارات نلن 5 مناصب وزارية، بينها وزارات «التسامح»، و«المستقبل»، و«التغير المناخي»، و«مجلس علماء الإمارات» الذي ترأسه سارة أميري (29 عاماً). و«شما المزروعي» وزيرة الشباب تحمل شهادة الماجستير في «السياسات العامة» من جامعة كيمبردج، وهي أصغر وزراء العالم سناً (22 عاماً)
وتقدمت الإمارات على بريطانيا في «تقرير السعادة العالمي» للعام الماضي، حيث جاءت في المرتبة 20 بعد بلجيكا، فيما احتلت سويسرا المرتبة الأولى، والولايات المتحدة 15، وقطر 28، والسعودية 35، والجزائر 68، والأردن 82، والمغرب 92، ولبنان 103، والعراق 112، ومصر 135، وسوريا في أدنى القائمة (156) وليس بعدها سوى بوروندي وتوغو.
وقياس السعادة بالغ التعقيد، وكثيرة تعريفاتها والنقاشات حولها، وكل ما نحتاجه بضعة منها تحفظها قلوبنا مدى الحياة، وتنوِّر حياتنا بمختلف الألوان كلما اشتقنا لها. فـ«السعادة تبدو صغيرة دائماً، عندما تكون في أيدينا، لكن ما إن تفلت منها حتى ندرك كم هي كبيرة وثمينة»، حسب الكاتب الروسي مكسيم غوركي. وتعقيد قياس السعادة من تعقيد عمل أعقد أعضاء جسم الإنسان وهو الدماغ، الذي هو ليس محض عقل، بل كما قال تعالى «أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ».
«إنها السعادة يا مغفل»، عنوان «الطاولة المستديرة» في «مؤتمر السعادة العالمي» الذي يُعقدُ الأسبوع المقبل في روما، وفيه يتحدّى الأكاديميون السياسيين في جدية التعامل مع مقاييس الرضا الذاتي بالعيش، واعتبارها مؤشرات لحدود الإحصاءات الموضوعية، ويبحثون طرق دمجها، كما في كثير من علوم الاقتصاد والاجتماع التي تجاوزت معايير رضا الزبائن، ورضا العاملين، إلى إسعاد العاملين وإسعاد الزبائن، حسب الدكتورة «عاملة محسن ناجي»، أستاذة التسويق في الجامعة المستنصرية ببغداد.
«وللسعادة يحتاج المرء الأمان، لكن البهجة يمكن أن تنبثق كزهرة، حتى على تخوم اليأس»، حسب الكاتبة والطيارة الأميركية ليندنبرغ. وهالك من لا يعرف البهجة في العراق، حيث النساء أمهات البهجة، وحبيبات البهجة، وبنات وشقيقات وزوجات البهجة، وقبل كل شيء وبعده صديقات البهجة، وأقصد بهجة العُمر في العراق.