يواصل فريق عمل سيلفي نجاحاته وحضوره القوي من خلال مناقشة وطرح قضايا ملحة، بسخرية لاذعة مع بعض النكات والكوميديا السوداء الباعثة على الضحك المتبوع بتنهيدة ألم. خامس حلقات سيلفي حملت عنوان (المرافق ) كتبها سامي الفليح، ولعل من المصادفات أنها أتت لتكمل أسبوعًا صاخبًا مليئا بالأحداث الغير جيدة التي كانت تعيشها وزارة الصحة ووضعتها في مرمى النقد وحالة من عدم الرضا حيث تزامن بث الحلقة مع ماعرف بـ ( فيديو الصراصير)، فضلًا عما تم بثه عبر السوشيال ميديا من مقاطع لمدير صحة إحدى المناطق وهو يتعامل بجفوة كبيرة مع موظفة في أحد المشاهد التي استدعت تدخل الوزير شخصيًا، وجفوته مع مراجع في مشهد آخر تم توثيقه وبثه عبر اليوتيوب . ثم جاءت حلقة ( المرافق ) لتكون بمثابة (وكزة) آخرى للوزارة يزيد معها الوضع تأزمًا على مستوى الرضا العام عن الوزارة . الحلقة كشفت عن قدرة كاتب النص سامي الفليح حيث استطاع استثمار عنصر المفارقة لحشد مشاهد متنوعة وتصوير أوضاع الوزارة. ففي مشهد واحد رأينا (ابو ضاري ) "محمد الطويان" يراجع أحد المستشفيات ليفاجأ بتشخيص خاطيء من الاطباء بإصابته بمرض قاتل ولايوجد له علاج داخل المملكة، وهنا يتوجب عليه السفر للبحث عن علاج خارج البلاد. وفي الوقت الذي قد تستغرق الموافقة على علاجه خارج المملكة على حساب الوزارة وقتًا طويلًا يجد بالصدفة أحد المتنفذين ( ناصر القصبي ) الذي يسهل له السفر على حساب الوزارة مقابل ( مرافقة المريض )، حيث يمتليء المشهد على رغم قصره بحمولات وإيحاءات متعددة تصور واقع حال الوزارة . وبعد السفر يتفرغ المرافق لممارسة اللهو والعبث وحياة الترف والمجون وهناك يلتقي سعوديين في أحد الملاهي . يكشف الحوار أن أحدهم ( حبيب الحبيب ) يتعالج من القشرة خارج المملكة منذ عامين على حساب الوزارة هو وأحد مرافقيه، في مفارقة مليئة بالسخرية وبالتهكم وهو المشهد الذي يكشف المهارة في استغلال ماتتيحه الدراما من مساحات متى وجدت كاتبًا جيدًا. وتأتي المبالغة هنا تهكمية وساخرة وفي حدود ماتسمح به الدراما التي تستطيع أن تجعلنا نعيش أجواء الحدث والتواصل معه حينما تتسلل المواقف إلى الشعور والوجدان. وعندما يحدث تبادل من نوع ما مع المشاهد فريق العمل(مؤدين ومخرج) نجحوا في تصويرها بتمكن . ويستمر لعب سامي الفليح على المفارقة عندما يكتشف أبو ضاري أنه لا يعاني من أي مرض وأن التشخيص كان خاطئًا فيحاول المرافق البقاء هناك لأطول فترة ممكنة فيتحجج بإجراء فحوصات روتينية لمدة يومين لكنه يكتشف إصابته بالمرض فعليًا وحاجته الماسة لإجراء عملية عاجلة نسبة نجاحها منخفضة جدًا بعد أن كان المرافق يتحدث مع أبو ضاري عن أن عليه التفكير جديًا في الايام القليلة المتبقية له في الدنيا فيما ينضم أبو ضاري للشباب الذي يقضي لياليه هناك منغمسًا في سهرات ماجنة. الحلقة أعادت للواجهة (سامي الفليج) ككاتب نص يملك القدرة على بناء نص درامي بإلتقاطات موفقة ومعالجة جيدة ، كما ظهر محمد الطويان بحضور متميز وكان أحد أهم اسباب نجاح الحلقة بأدائه الكبير وكاريزما الحضور الطاغي ما يؤكد أن هذا الاسم أحد أعمدة الدراما المحلية. في ذات السياق فإن الحلقة خلقت حراكًا موازيًا عبر السوشيال ميديا ففي موقع التواصل (تويتر) استغل مرتادوا الموقع الحلقة لانتاج سخرية موازية عبر انشاء هاشتاقات ساخرة حملت إسقاطات ساخرة ولاذعة وتهكمية على ردود الفعل التي صاحبت الحلقات السابقة من بعض فئات المجتمع وحملت التعليقات في طياتها قدرًا عاليًا من التهكم على تلك الردود باستخدام ذات العبارات وباستحضار أجواءها وتوجيهها في سياقات آخرى . وهذا مايؤكد أن سيلفي حتى اللحظة مايزال قادرًا على تحريك الراكد والاستئثار بالمشاهد وخلق حالة من الوعي وتسليط الضوء على ما يستحق فضلًا عما يصاحبه من حراك وحوارات وضجيج وتجاذبات بين فئات المجتمع وأطيافه المختلفة .