يقول مؤيدو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن أبرز إنجازاته خلال عام من توليه سدة الحكم في مصر هو عودة الإستقرار والأمن فهل هذا صحيح أم أنه الوهم الإعلامي، يقول ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن " وقع هناك ما يقرب من 200 هجوم في مصر خارج سيناء، بما فيها حوادث إطلاق النار من سيارات، وهجمات بقنابل يدوية، وتفجير عبوات ناسفة". وتسلط هذه الهجمات الأخيرة الضوء على التدهور الأمني في مصر في ظل نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. هذا والموضوع لم يتطرق لسيناء المشكلة الأكبر في مصر ، فيقول شينكر لم يستطع السيسي والجيش على احتواء أو دحر تمرد الجماعة التي تدور في فلك تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، والجماعات الجهادية الأخرى الموجودة في سيناء وهي كثيرة، فخلال عام واحد قُتل حوالي 1000 من الجنود ورجال الشرطة في محاولة لاحتواء التمرد المتنامي في شبه جزيرة سيناء. ويقول شينكر في مقاله التحليلي في موقع معهد واشنطن إن مصر محظوظة لأنّ التفجير الانتحاري الذي وقع في المقصد السياحي الشهير في مدينة الأقصر في يونيو، لم يقتل سوى اثنين من رجال الشرطة. فمقارنة بهجوم مماثل وقع في مدينة الأقصر عام 1997، قُتل 58 سائحاً أجنبياً. ويضيف قد نجت مصر هذه المرة من فاجعة جماعية أخرى، إلاّ أنّ هذه الحادثة قد تكون نذيراً لما ستكون عليه الأمور في المستقبل. ففي الواقع، وقبل أيام قليلة فقط من وقوع الانفجار في الأقصر، قُتل اثنين من رجال الشرطة عند أهرامات الجيزة، على مشارف القاهرة. ولكي تتهرب الحكومة المصرية من مسئوليتها، عزت هذه الأعمال الإرهابية لـ جماعة «الإخوان المسلمين»، التي أصبحت محظورة في أعقاب انقلاب يوليو 2014 الذي أطاح بالرئيس الإسلامي المنتخب ديمقراطياً وفقًا قوله ، وجاء بالسيسي إلى الحكم. وفي حين لم تتبنّ المنظمة صراحةً أي أعمال إرهابية محددة، دعا بيان نُشر في كانون الثاني/يناير 2015 على الموقع الإلكتروني لـ جماعة «الإخوان المسلمين» إلى "جهاد طويل لا هوادة فيه" ضد نظام السيسي. ولكن التفجير الانتحاري الذي وقع في 11 حزيران/يونيو يمثّل أمراً جديداً، ويشكَّل تصعيداً واضحاً في التكتيكات والأهداف. ولطالما تبرّأت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر في الماضي من تنفيذ العمليات "الاستشهادية". ويعيد هذا الهجوم إلى الأذهان الخسائر البشرية المرتفعة خلال عقد التسعينات، حيث كانت التكلفة الاقتصادية مرتفعة أيضاً. فطوال التسعينيات، اقتصرت السياحة، التي تشكل حوالي 10 في المائة من الاقتصاد المصري، على نحو 300 ألف زائر فقط شهرياً. وفي عام 1998، أي بعد عام من هجوم الأقصر، انخفضت عائدات السياحة بنسبة تزيد على 25 في المائة، لتصل إلى أقل من 3 مليارات دولار، واستمرت بالنموّ بشكل بطيء إلى أن انقشع دخان أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001. ومع هزيمة «الجماعة الإسلامية» بحلول عام 2011، كان عدد الزوار الأجانب إلى مصر قد ارتفع إلى أكثر من 1.5 مليون زائر شهرياً. وبحلول عام 2013، أي بعد عامين من سقوط مبارك، صنف "البنك الدولي" مصر في المرتبة 140 والأخيرة في العالم، بعد باكستان واليمن، في مجال سلامة السياح. وبعد عام من وصول السيسي إلى الحكم، كان السيّاح قد بدأوا للتو في العودة إلى مصر. ولكن، إذا ما أصبحت الهجمات الإرهابية التي وقعت الأسبوع الماضي حدثاً عادياً، كما كانت في التسعينيات، فقد تعود أرقام السياحة إلى القاع مجدداً. كما أن التطورات في سيناء يمكن أن تجعل الأمور حتى أكثر سوءً. وتعد كل هذه الأخبار سيئة بالنسبة للرئيس السيسي، الذي كان قد راهن بكل ما يملك على إنعاش الاقتصاد المصري. فقبل كل شيء، يعتمد إنعاش السياحة، وإيرادات القناة، والاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، على إعادة إرساء الأمن في البلاد. وبعد مضي عام صعب، يبدو أن واشنطن توصّلت إلى تفاهم مع الانقلاب، ومع رئاسة السيسي. ففي نيسان/أبريل 2015، أنهت إدارة أوباما تجميداً طويل الأمد على نقل الأسلحة، وسلّمت عشر مروحيات من طراز "أباتشي" لمصر. ولكن إرساء الأمن في مصر - سواء في سيناء أو غرب قناة السويس - لا يتوقف على الدبابات والطائرات المقاتلة أو حتى على المروحيات الهجومية. فلن يتمكن السيسي من النجاح في قمع التمرد إلا إذا تبنى نهجاً جديداً. ويشكل تعلق الجيش المصري الرجعي بأنظمة موروثة مكلفة وغير ملائمة لحملة مكافحة الإرهاب، إحدى التحديات الدائمة أمام السيسي. فإلى جانب مسألة المعدات، تتجاهل العمليات المصرية في سيناء تقنيات مكافحة التمرد الحديثة التي تم تعلّمها بصعوبة، باستخدامها استراتيجيات حركية (بشكل مفرط في كثير من الأحيان)، بدلاً من استراتيجيات اقتصادية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أخبرني جنرال مصري في القاهرة أن الجيش "يفوز" في الحرب في شبه جزيرة سيناء. ولكن، على الرغم من هذه التأكيدات، لا يلوح في الأفق أي نصر في سيناء، ولا ينفكّ الإرهاب يترسّخ أكثر فأكثر على طول ضفاف نهر النيل في مصر.