أنا وأنت وغيرنا، نتيجة ولسنا معادلة. نحن جميعاً حاصل عمليات الجمع والطرح والقسمة والضرب التي جرت لسنوات سابقة في حياتنا منذ أن خلقنا. نحن السوائل التي تحويها الآنية الممتلئة، ولسنا هي. نحن الأرواح التي تحرك الأجساد التي تسكنها، والأفكار التي نجسدها بأفعال قيّمة تبقيها خالدة إلى ماشاء الله. نسهو كثيراً عن فكرة أننا الآن نتيجة لتلك التراكمات التي نرى حصيلتها في انعكاسنا في المرآة، لذا تجدنا نبحث مذعورين عن حلول وقتية لإسكات صوت أي ألم أو التخلص من أي مشكلة دون أن نسعى لأن نقتلعها من مصدرها. يقول علماء النفس إن الذات الإنسانية مزيج حساس وذو تركيبة معقدة جداً، ومعرض على الدوام لأي قطرة خارجية قد تعكره، أو تفاعل داخلي قد يقضي عليه تماماً! ومن رحمة الله أن ذلك المزيج يتناوب على حمايته بتوازن كل من العقل والعاطفة، وبأن التوازن إذا اختل فإن العواقب ستكون وخيمة. فكر معي وأنت تتأمل وتستمع لقصص من حولك ممن يعملون معك أو يعيشون حياة مختلفة عن التي تعيشها أنت، وستكتشف أن نقص عنصر واحد في حياة أحدهم في مرحلة ما من حياته كانت سبباً في تكوين هذا النموذج الذي تعايشه اليوم، وبأن تصرفاً عنجهياً واحداً فقط قد قام به تجاه غيره ممن هو أقل أو أضعف منه كان وراء تلك القسوة التي تكسو قلبه أو اللعنة التي عكرت صفو حياته، بعد أن نسي أن من منحه القوة يراقبه، وبأن الجزاء من جنس العمل. أختم مقالي بالقول، بأن البعض تعلم في طفولته أن يخاف من العقاب أكثر من حب العمل أو الفعل الجميل واستشعار تأثيره، حيث كان التخويف من العقاب حاضراً دوماً بشكل يطغى على الحب، بل ويمحوه في بعض الأحيان، لذا تجدهم يصفقون لأي عقاب قاسي دون أن يفكروا في تبعاته أو مناسبته للفعل. ولم يتعلم أولئك أبداً أننا يجب أن نحب الله أولاً ثم نخافه، وبأن يكون خوفنا نابعاً من رغبتنا في أن نكون من المقربين من عباده الصالحين الخيّرين الذين ينعمون بجنانه. وبأن هذه الرغبة هي ما سيحفزنا على أن نقترب منه أكثر بكل الأعمال الجميلة التي تحافظ على ذلك المزيج الحساس من أي تلوث خارجيّ أو عارض قد يصيبه. هل تتفق معي أم أن لك رأياً آخر؟ شاركني.. دون خوف!
دون خوف مقالك (رندا الشيخ) في (الرياض بوست) يدفعني إلى القول ...وبدون خوف ...ولا مجاملة ... أنه رائع بكل مقاييس التقييم للكتابة. وبدون خوف ممن يتحفظون على استباقي النظر إلى (رندا الشيخ) منذ البدايات الأولى لممارستها الكتابة بأنها (مشروع مفكر)، وأنها أكثر من مجرد كاتبة لمقال عمودي أو صحفية إذاعية.. ويكفيني اليوم مقالها (دون خوف) الدليل الجازم بأننا حقاً أمام (مفكرة) مكتملة البنيان... فلم تعد رندا الشيخ فقط مشروع مفكر، لقد تجاوزت ذلك بمراحل. وهنيئاً لـ (الرياض بوست) وجودها بين كُتّابها رقماً بارزاً ومُهماً ... طالما شَرُفتُ بالرهان عليه... ونجحت والحمد لله في كسب الرهان.