تشير التقارير الإعلامية الأخيرة إلى استعداد تركيا للقيام بتوغل عسكري داخل سوريا، ربما تسعى القوات التركية إلى الاستيلاء على أراضي تمتد مسافة 55 ميلاً من أعزاز في الغرب إلى جرابلس في الشرق، وإقامة حاجز وقائي يصل عمقه إلى 20 ميلاً لمنع تسرب العنف من البلد المجاور، وإقامة نقطة انطلاق للثوار السوريين الموالين لتركيا. ويرى الخبراء أنّ عملية عسكرية تركية في سوريا لها العديد من الخسائر التي قد تكلف أنقرة الكثيرة. يؤكد سونر چاغاپتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، أنّ السلطات التركية تخشى أنّ يسعى حزب الاتحاد الديمقراطي الموالي للأكراد، والذي يسيطر على ثلاثة قطاعات معزولة في سوريا على الحدود مع تركيا، للربط بين القطاعات الثلاثة من خلال التحرّك أكثر نحو الغرب والاستيلاء على أراض بين أعزاز وجرابلس. وأوضح جاغايتاي أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي والذي يرتبط بحزب العمال الكردستاني، يسيطر على عفرين في شمال غرب سوريا، وكوباني في شمال - وسط سوريا، والجزيرة في شمال شرق البلاد، استولى عين العرب الواقعة بين الجزيرة وكوباني، وأقام منطقة تحت سيطرته يبلغ طولها 250 ميلاً. ولفت مدير برنامج الأبحاث التركية إلى أنّ أنقرة تحاول استباق ما تعتبره طوقاً محتملاً من قبل حزب العمال الكردستاني في الجنوب على طول 385 ميلاً. وشدد سونر أنّ أي تقدم عسكري تركي لمنع تقدّم حزب الاتحاد الديمقراطي سيؤدي إلى فقدان حزب العدالة والتنمية الدعم الكردي بأكمله، أو أسوأ من ذلك، قد يقرّر الأكراد الانفصال عن أنقرة تماماً، لاسيما وأنّ الأكراد يتوقعون بأن تقدّم الحكومة التركية مستوى من الحماية لأقرنائهم، وإذا حاولت أنقرة منع تقدّم الأكراد في سوريا بدلاً من مساعدتهم، قد تضع حداً للالتزام السياسي والعاطفي الذي يوليه الأكراد تجاه الدولة التركية، مع تداعيات على الاستقرار الداخلي. ويبيّن مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن أنّ أيّ توغل تركي في سوريا دعوةً لإغضاب نظام الأسد المعروف بصلاته بالجماعات الإرهابية الماركسية داخل تركيا، و سيؤدي أيضاً إلى استياء الراعي الرئيسي الدولي لبشار الأسد موسكو، وراعيه الإقليمي طهران. وبحسب معهد واشنطن فإن لروسيا وإيران صلات تاريخية بـحزب العمال الكردستاني، ويمكنهما دعمه في زعزعة استقرار أي منطقة عسكرية تركية داخل سوريا، كما بإمكان روسيا أن تدفع أيضاً باتجاه اتخاذ قرارات مناهضة لتركيا في الأمم المتحدة، يمكن أن تستخدم روسيا بطاقة الطاقة التي تملكها ضدّ أنقرة - فتركيا تشتري أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي والنفط من روسيا، وسيؤدي أيّ خفض في هذه الإمدادات إلى إلحاق الضرر في اقتصاد البلاد بصورة شديدة. يشير چاغاپتاي إلى أنّ أي عملية عسكرية في سوريا قد تثير العديد من التحديات الأمنية والسياسية على المدى الطويل. فبالإضافة إلى التهديدات السابقة إمكانية العودة للنزعة الانفصالية بين الأكراد الأتراك الساخطين والمتحدين سياسياً، والتحركات الروسية المعادية، والانتقام المسلح لكل من نظام الأسد و «حزب الاتحاد الديمقراطي» و تنظيم داعش ستتحوّل تركيا في نهاية الأمر إلى "محتلّ" في نظر السوريين. ويختتم مدير مركز الأبحاث التركية في معهد واشنطن أنّ تركيا النهاية مضطرة إلى الاختيار بين التزام مُكلّف طويل الأمد للدفاع عن منطقة عسكرية بين جرابلس وأعزاز، وبين الانسحاب من المنطقة وبالتالي الاعتراف بالهزيمة.