لحظة تاريخية راقبها العالم بتوتر غير مسبوق، فبعد أن بدا وكأن المفاوضات الجارية في العاصمة النمساوية فيينا حول برنامج إيران النووي قد لا تفضي إلى نتيجة، أعلنت طهران والقوى الغربية الست المجتمعة عن التوصل إلى صيغة اتفاق نهائي مرضية للطرفين. وأثار الاعلان عن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران ردود فعل دولية متباينة بين مرحب ورافض، فيما التزم غالبية العرب الصمت فالمصالح ليست واحدة والمخاطر متفرقة فمن الرابح من فك العزلة السياسية والاقتصادية عن طهران؟ ومن الخاسر من هذا الاتفاق الذي قد يقوّي شوكة الإيرانيين؟ وبحسب دويتش فليه في الوقت الذي هلل الإيرانيون ورحب قادة العديد من الدول بهذا الاتفاق، سارعت إسرائيل، التي تتهم طهران بالسعي إلى كسب السلاح النووي، إلى وصفه بـ "الخطأ التاريخي". وبحسب دويتش فليه قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو: ستتلقى إيران مئات مليارات الدولارات التي ستستطيع من خلالها تزويد آلتها الإرهابية بالوقود. فيما وصف وزير دفاعه موشيه يعالون، الاتفاق "بالمأساة لجميع من يتطلع إلى الاستقرار الإقليمي ويخشى من إيران نووية". ومن بين هؤلاء الذين يخشون من أن تقوى شوكة إيران، التي أصبح نفوذها وتأثيرها يكاد لا يغيب عن دولة في منطقة الشرق الأوسط، هي السعودية، والتي فضلت قيادتها رسميا الالتزام بالصمت. نقلت وكالة رويترز عن مسؤول سعودي لم تكشف عن هويته القول: سيكون يومًا سعيدًا للمنطقة إذا منع الاتفاق طهران من امتلاك ترسانة نووية، لكنه سيكون سيئًا إذا سمح لطهران بأن تعيث في المنطقة فسادا. وأضاف المسؤول أنّ إيران زعزعت استقرار المنطقة كلها بأنشطتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، مشددًا بأنه إذا منح الاتفاق تنازلات لإيران، فإن المنطقة ستصبح أكثر خطورة. فبينما رحب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وطهران ولندن والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، باتفاق "تاريخي"، عبرت موسكو عن "ارتياحها". لعل الأسد والذي تستميت طهران في مساندته ودعمه بالمال والعتاد والمقاتلين، من الأوائل الذين تنفسوا الصعداء بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، حليفته الكبرى، ورفع العقوبات الاقتصادية عنها. هنأ الرئيس بشار الأسد حليفه الإيراني، معتبراً الاتفاق "نقطة تحول كبرى" و"انتصاراً عظيم. ويقول توماس جونو أستاذ مشارك بجامعة أوتاوا ومحلل سابق لدى الحكومة الكندية في شؤون الشرق الأوسط، لوكالة الأنباء الألمانية إن إيران لديها دولة حليفة واحدة في العالم هي سوريا. ويوضح أن خسارة سوريا تمثل ضربة قاصمة لإيران، وبالتالي فهي على استعداد لفعل الكثير للحفاظ على استمرارية نظام الأسد. ولا يستبعد مراقبون أن تزيد طهران من قوة دعمها لحليفها في المنطقة حتى تحول دون سقوطه. وبحسب دويتش فليه يرى المحلل عبدالباري عطوان في مقال لصحيفة رأي اليوم نظام الأسد وحزب الله من أكثر المستفدين من كسر العزلة الدولية عن إيران. ويشير إلى أنّ عمان والإمارات، وخاصة منها إمارة دبي، من المستفيدين من رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. و يشاركه في الرأي الخبير في شؤون الشرق الأوسط خطار أبو دياب، حيث يقول: "هناك في الخليج دول كثيرة لها علاقات طيبة مع إيران على غرار سلطنة عمان التي ساهمت في الترتيب الأساسي لهذا الاتفاق عبر وساطة عمانية عام 2014 وكان لها دور كبير في التوصل إلى اتفاق اليوم. ويوضح أنّ دبي شكلت المتنفس الاقتصادي للإيرانيين خلال السنوات الماضية وقد تتوطد العلاقات الاقتصادية أكثر من بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.