مئات التساؤلات طرحها المواطنون والمقيمون بالأمس، بمجرد إعلان وزير الطاقة تحرير أسعار الوقود في الإمارات، اعتباراً من أغسطس المقبل، ورد الفعل الأول يمكن اعتباره طبيعياً لدى كل من يسمع بتحرير سعر «الجازولين»، الذي يستخدم للسيارات التي تعتبر وسيلة النقل الأولى في الإمارات، وهذا التخوف والقلق من الجمهور متوقع، ولا يحتاج إلا إلى توضيحات من وزارة الطاقة، فتحرير السعر يعني مبدئياً ارتفاع سعر لتر الجازولين، في بلد يدعم جميع المشتقات البترولية منذ زمن طويل، وتحرير سعر الوقود يعني «وجود فرصة» لمحاولة التجار زيادة أسعار السلع والبضائع الاستهلاكية الرئيسة وغير الرئيسة، لذا فمن المهم أن تُطمئن وزارة الاقتصاد المستهلكين، وتؤكد لهم أن الأسعار لن تتأثر بهذه الزيادة، وذلك من خلال الإجراءات التي ستتخذها في السوق، و«تقييد» التجار عن التلاعب بالأسعار. وفي كل الأحوال لا ينبغي التهويل من مسألة تحرير أسعار الوقود، لأن الزيادة حسب تأكيدات وزير الطاقة لن تكون كبيرة، والأمر الآخر، أن منطلقات التحرير منطقية، وتصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، وأجيال المستقبل التي لها حق في الثروة النفطية ومداخيلها، فمن غير المنطقي أن يستمر دعم سلعة غير أساسية تكلف ميزانية الدولة مليارات الدراهم سنوياً. وفي المقابل، يفترض ألا ترتفع أسعار المواد الاستهلاكية والبضائع والخدمات بشكل عام، لسببين، الأول، أن التحرير -أو الزيادة كما يحب أن يطلق عليه البعض- سيكون في سعر الجازولين، وهذا ما يستهلكه الأشخاص العاديون في سياراتهم، وفئة قليلة من الشركات وقطاع تجارة التجزئة. والسبب الآخر، أن في مقابل هذه الزيادة المتوقعة في سعر الجازولين، هناك تخفيض في الوقت نفسه في سعر الديزل، وبما أن قطاعات الأعمال والتجارة والنقل والشحن تعتمد على الديزل بالدرجة الأولى، فإنه يفترض أن أسعار المواد الاستهلاكية تنخفض لانخفاض تكلفة النقل والشحن، وهذا ما سنترقبه. الأرقام في هذا الموضوع، وهي تشير إلى أن فاتورة الجازولين لا تتجاوز 3% من الدخل السنوي للفرد في الإمارات، والأرقام تقول إنه خلال السنوات العشر الماضية تكبدت شركة أدنوك وحدها 40 مليار درهم لدعم أسعار الوقود، والأرقام تسجل 44,5 مليون طن حجم انبعاثات قطاع المواصلات في الدولة التي تسير في شوارعها أكثر من أربعة ملايين سيارة. بلغة الأرقام، لا تبدو تلك الزيادة التي ستلحق تحرير أسعار الوقود مقلقة، وإن كانت مؤثرة على بعض شرائح من المجتمع، لذا فإن متابعة الحكومة لتأثيرات القرار بشكل ربع سنوي أمر في غاية الأهمية، لضمان عدم تأثيره السلبي على المجتمع والناس بشكل عام، وعلى ذوي الدخل المحدود بشكل خاص. منطلقات التحرير منطقية وتصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وأجيال المستقبل التي لها حق في الثروة النفطية ومداخيلها بلغة الأرقام لا تبدو الزيادة مقلقة وإن كانت مؤثرة على شرائح من المجتمع، لذا فإن متابعة الحكومة لتأثيرات القرار بشكل ربع سنوي أمر مهم جريدة الاتحاد