اعتداء «سوروج» جنوب تركيا كفيل بدفع الأتراك نحو انتهاج أسلوب أكثر قسوة واتخاذ خطوة أكثر تقدماً في الحرب على تنظيم "داعش"، فالعملية الانتحارية التي أودت بحياة العشرات لن يقف أمامها الرئيس أردوغان موقف المتفرج، بل إن من شأن هذا العمل أن يدفع الرئيس التركي إلى اتخاذ خطوات كان قد تحفّظ عليها أو لم يستطع تنفيذها. خلال الفترة الماضية شنت تركيا عملية استطاعت من خلالها القيام بعمليات دهم واسعة لمنتمين إلى "داعش"، ويبدو أن هذه الخطوة قد دفعت التنظيم إلى الانتقام ما يعني أن تركيا أمام مواجهة خطيرة مع عدو استطاع تكوين خلايا قوية في الداخل التركي مستفيداً من حالة الفوضى الحدودية بين سورية وتركيا، لكن مواجهة أنقرة مع هذا التنظيم ليست كسائر المواجهات، إذ إن تركيا دولة مهمة في "الناتو" الذي يخشى انزلاق تركيا في أي صراع شائك سواء مع التنظيم الإرهابي، أو أن تلقي تلك الهجمات بظلالها على الحراك السياسي داخل البلاد التي للتّو فرغت من انتخابات برلمانية سادها جدل كبير وتعمل على تشكيل حكومة لا يبدو أنها بصدد التشكّل. وتخشى تركيا أن تؤدي عملية "سوروج" إلى صدام مسلح مع الأكراد، لاسيما أن العملية حدثت في مركز ثقافي احتشد فيه أكراد كانوا بصدد الذهاب إلى رحلة مخصصة إلى "كوباني" من أجل المشاركة في إحدى فعاليات إعمارها، وهي المدينة الكردية التي رفض أردوغان التدخل فيها عندما وقعت الصدامات بين "داعش" والأكراد قبل أن ينتصر الأخير. تلك التطورات من شأنها دفع تركيا والتحالف الدولي ضد "داعش" إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة مع تطورات الشأن السوري، أبرزها دعم أنقرة دولياً لإنشاء منطقة آمنة، ورغم التحفظ الأميركي، إلا أن ذلك سيواجه من تركيا بتسهيل استخدام قاعدة "انجرليك" التي لم تكف قيادة التحالف عن طلب تركيا استخدامها في ظل رفض الأخيرة. كما أن تطورات المشهد في الداخل التركي ستدفع بالتحالف الدولي إلى تعزيز المكاسب التي أحرزتها الفصائل السورية المعتدلة، والتي حققت عديداً من الإنجازات في وجه تنظيم "داعش"، لكن في ذات الوقت ربما ينعكس ذلك سلباً على أي تحالف بين تلك القوى المدعومة من تركيا وبعض الدول، ضد التكتلات الكردية العسكرية المقاتلة بشراسة على الأراضي السورية، ولاشك أن تعقيد المشهد الحالي سيوقع أنقرة في حسابات معقدة، وقد يجبرها على الجلوس مع الأكراد لوضع النقاط على الحروف ما دام أن عدوهم واحد. جريدة الرياض