2015-10-10 

ما هي شكل المراجعة الفكرية المطلوبة من جماعة الاخوان؟

بي.بي.سي

يطالب كل من يتصدر المشهد السياسي المصري بمراجعات فكرية لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، بما فيها السلطة الحالية التي تشن حملة أمنية شديدة ضد أعضاء الجماعة، لكن هذا لا يعني أن الجميع يرجوا نتيجة واحدة. فالنظام الحاكم، والذي يعتمد على الحل الأمني، تمثلت مبادرته في إطلاق وثيقة توزع على من يطلبها من أعضاء الجماعة في السجون يتبرأ فيها من التنظيم الذي صار محظورا وإرهابيا بقرار من الحكومة. أما المعارضة العلمانية، خاصة الشبابية، فكثيرا ما تطالب باعتذار واضح من الجماعة التي تحالفت مع قيادات المؤسسة العسكرية للوصول إلى السلطة وعلى حساب الثورة. في الوقت الذي تنادي فيه أصوات، وهي كثيرا ما تكون شابة أيضا، داخل الجماعة بالاعتراف بأنها اتبعت اسلوبا إصلاحيا في التعامل مع الثورة وأعداءها، الأمر الذي مكن الثورة المضادة من كسب الجولة. وجاءت تلك الدعوات كذلك من أسماء بارزة داخل الجماعة وبعض كبار مؤيديها، في وقت حاولت فيه الجماعة على مدى عقود ان تبقي أحاديث المراجعات أو الانتقادات داخل جدرانها فلم يخرج منه الكثير للعلن ومتى شاءت ان يخرج ذلك. أحدث تلك الدعوات جاءت في مقالات كتبها عصام تليمة الباحث في جمعية قطر الخيرية عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين والمقيم في تركيا والذي عمل مديرا لمكتب الداعية الاسلامي يوسف القرضاوي المؤيد لجماعة الاخوان المسلمين وسكرتيرا خاصا له على مدى سنوات. طالب تليمة بعزل جميع قيادات الصف الاول الحالية في جماعة الاخوان المسلمين بمصر لصالح جيل جديد من الشباب، وبالفصل بين العمل الدعوي والعمل الحزبي داخل الجماعة، وكذلك بتجديد ادبيات الجماعة ذات الطابع الاصلاحي لتتناسب مع "مرحلة العمل الثوري" الحالية بحد وصفه. كما ذهب تليمة الى ضرورة قبول اعضاء الجماعة للنقد الموجه اليهم وللجماعة باعتبار ذلك وسيلة لاصلاحها، بل طالب بإعمال مبدأ محاسبة قيادات الجماعة في مجال النجاحات والاخفاقات على السواء. وفي مقابلة هاتفية مع بي بي سي قال تليمة إن "الأداء السياسي لجماعة الاخوان المسلمين خلال فترة وجودهم في السلطة لمدة عام لم يكن موفقا، لانها تعاملت بنهج كان يتطلب اداء أفضل لا سيما في التعامل مع الدولة العميقة." واضاف أنه بعد وصول الاخوان لسدة الحكم في مصر "انقلبت الجماعة بجميع افرادها من العمل الدعوي الى العمل السياسي وهذا لم يكن صوابا وكان يتعين ان تعمل الجماعة على خطين لا ان تدمج بينهما". واردف "الجماعة تعاملت مع ملفات الدولة كما تتعامل مع ملفات الدعوة وشتان بين الامرين، وتعاملت مع الامور بمنطق اصلاحي جزئي ولم تتعامل معه بمنطق ثوري ولا توجد في ادبيات الاخوان ما يعرف ابناءها ادبيات الثورة وكيفية التعامل معها". كما انتقد التغيرات التي اعلنت الجماعة عنها، وقال "ما تم لا أراه كافيا او كاملا... هناك أصوات من تلك القيادات من الصف القديم الذي كان وقت الازمة وكل من كان سببا في الأزمة عليه ان يتنحي ويتجه للعمل التربوي لأنهم فشلوا في ادارة الصراع مع الثورة المضادة ومع الدولة العميقة." واضاف تليمه ان هناك ايضا توضيح "ما هو المشروع الذي تقدمه الجماعة للأمة حتى في حال سقوط الانقلاب... كذلك تحتاج الى مراجعة علاقاتها مع المختلف طائفيا ومذهبيا خاصة وان الجماعة يقينا قصرت في التواصل مع خصومها". كما ابدى باحثون في شؤون الجماعات الاسلامية تحفظا على مصداقية التغيرات المعلنة داخل الجماعة في الفترة الاخيرة. ويقول مصطفي زهران الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الاسلامية لبي بي سي إن "الممارسات على الارض والاليات المتاحة والمشهد القائم لا يقول إن جماعة الاخوان المسلمين خرجت بمراجعات حقيقية كالتي عهدناها من جماعات اخرى في مصر او غيرها". واضاف انه حتى ان كانت هناك تغييرات فإنها جاءت للعوز الى قيادات نتيجة غياب كثير من رموز الجماعة في السجون او غيرها "لكنها مراجعات او تغيرات لم تطل أدبيات الجماعة وميراثها الفكري". ويرى زهران هناك فجوة حالية كبيرة بين شباب الجماعة وقادتها، مشيرا الى ان تصعيد الجيل الجديد من شباب الاخوان من شأنه أن يمنحهم الفرصة لتجربة مسالك جديدة. غير انه قال ان الدولة هي من ستحدد توجه هذا الجيل الجديد "تصعيدا أو تهدئة" من خلال سياساتها الأمنية. وعلق حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجماعة القاهرة على حدث المراجعات بالجماعة قائلا إنه يتعين الترحيب بأي من تلك الدعوات وتشجيعها. لكنه قال ان نجاح تلك الدعوات يتوقف على عدة عوامل. واشار الى ان مستقبل المراجعات والجماعة يتوقف على "الفصل بين الدعوي والسياسي. لكن ذلك يعني حل الجماعة وتشكيل حزب سياسي يقوم على اساس شفافية التمويل والعضوية وهذا سيكون صعبا للاخوان في الوقت الحالي". وقال في حديث لبي بي سي إنه يتعين "تغيير البنية الفكرية والتنظيمية بالكامل كي تتحول الجماعة الى الديمقراطية الكاملة بداخلها اولا بحيث تفسح المجال للرأي والرأي الاخر"، واشار الى ان هذا لا يتم بقرار ولكن بتغيير جوهري في البنية الشكلية والجوهرية. ويعتقد نافعة ان الجماعة تمر بمخاض عسير وهي بداية تفاعلات بطئية. لكنه يرى ان النظام المصري الحاكم حاليا لا يساعد على الاسراع بهذا المخاض. وقال " ان استراتيجية الاستئصال التي يمارسها النظام السياسي في مصر حاليا لن تساعد في عملية الاصلاح، ولكن ربما تؤدي إلى قتل تلك المبادرات والمراجعات في مهدها".

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه