استغل الرئيس التركي فرصة محاربة تنظيم داعش لكبح جماح خصمه اللدود، العمال الكردستاني، يروى المراقبون أن ضرب الانفصاليين الأكراد يهدف إلى صرف الأتراك سياسيًا عن كل الخيارات، باستثناء خيار واحد: أرودغان. وتصور تركيا العمليات على أنها حرب على الجماعات الإرهابية دون تمييز، ونفذت ضربات جوية ضد داعش في سوريا للمرة الأولى الأسبوع الماضي، وسمحت للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة باستخدام قواعدها الجوية بعد أن أحجمت عن ذلك لفترة طويلة. و بحسب دويتش فليه قصفت أنقرة معسكرات في شمال العراق تابعة لحزب العمال الكردستاني للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات على الأقل، وألقي القبض على مئات ممن يشتبه في انتمائهم لتنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني في مداهمات بأجزاء مختلفة من تركيا. وفي هذا السياق، قال ولفانغو بيكولي من شركة تينيو انتليجنس لأبحاث المخاطر: "زاد تبني أنقرة لسياسات حازمة في الآونة الأخيرة تجاه حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش من خطر الهجمات الإرهابية والاضطرابات الأهلية المستمرة داخل البلاد بدرجة كبيرة. وأضاف "لكن على الجبهتين يبدو أن أردوغان يأمل في استغلال الفرصة للخروج من أزمة، إنه يسعى لتحسين موقف تركيا على الساحة الدولية من خلال اتخاذ موقف أقوى من داعش، لكنه في الوقت نفسه يضعف المعارضة المؤيدة للأكراد، ويعزز دعم القوميين في الداخل من خلال الهجمات على حزب العمال الكردستاني. ومنذ الانتكاسة التي مني بها في انتخابات الرئيس التركي يونيو الماضي حين فقد حزب العدالة والتنمية الذي أسسه الأغلبية، وحصول حزب الشعوب الديمقراطي المعارض المؤيد للأكراد، على أصوات كافية لدخول البرلمان للمرة الأولى، يحرص أردوغان على استعادة تأييد القوميين. ويؤكد إريك مايرسون، أستاذ مساعد بكلية ستوكهولم للاقتصاد في مقال على موقعه الإلكتروني أنّ الهدف الأرجح هو حزب الشعوب الديمقراطي، من خلال ضرب حزب العمال الكردستاني بقوة تضغط الحكومة التركية على حزب الشعوب الديمقراطي ليختار جانباً ينحاز إليه. ويضيف مايرسون إما أن يندد بحزب العمال الكردستاني لوقف العنف فيجازف برد فعل سلبي بين قاعدة تأييده الكردية أو يتبنى خطاباً أكثر تأييداً للأكراد ليجازف بإغضاب الجماهير التركية وكذلك القضاء الذي له تاريخ طويل من حظر الأحزاب الكردية والساسة الأكراد. وبحسب وكالة الأنباء الالمانية في حالة إجراء انتخابات مبكرة فإن تراجع تصويت الأكراد والمخاوف بشأن الأمن يمكن أن تنعش التصويت لحزب العدالة والتنمية ومعه طموحات أردوغان لتغيير الدستور ليعزز رئاسته بصلاحيات جديدة واسعة. وبدور يشير سنان أولجن، الباحث الزائر في مركز كارنيجي أوروبا ورئيس مؤسسة إيدام البحثية ومقرها إسطنبول إلى أنّ سير الأحداث في سوريا كان يجري ضد المصالح التركية، فالدولة التركية كانت تتوسع في اتجاه الشمال الغربي وتواصل الاستيلاء على أراض على الحدود، فضلا عن خوف تركيا من أن تتوسع وحدات حماية الشعب الكردية، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إقامة أراض كردية تمتد من العراق إلى البحر المتوسط، لافتا إلى أنّ هذان العاملان أجبرا تركيا على التحرك. وجاء قرار الانضمام للحملة ضد متشددي داعش مباشرة بعد تفجير انتحاري يشتبه أن التنظيم المتطرف نفذه وأسفر عن مقتل 32 شخصاً في بلدة سروج بجنوب شرق البلاد.