في مصر «الإخوان المسلمون» اخترعوا الإرهاب ومارسوه عبر 80 سنة أو أكثر ولا يزال أنصارهم يمارسونه من الدلتا والصعيد إلى سيناء وغيرها. في البحرين، جماعة الوفاق يقودها خونة ينفذون أوامر إيران وأتباعها ضالون مضللون. أتحدث عن أكبر البلدان العربية وعن واحد من أصغرها، وأزعم أنني أعرفهما كما أعرف نفسي، وعلاقتي مع كل منهما مستمرة منذ أيام المراهقة، وأعرف أهل البلدين كما أعرف حكامهما. أقول هذا لا تفاخراً ولا تواضعاً، وإنما لأزعم أنني أكتب عن معرفة، فقد قرأت مقالاً طويلاً في «واشنطن بوست» قبل يومين، أتهم كتّابه بالجهل لا العمد. التحقيق عنوانه «بعد الربيع العربي، الصحافة أزهَرت ثم ذبلت»، كتبه ثلاثة مراسلين وساعدهم آخرون سُجِّلت أسماؤهم في هامش في النهاية. التحقيق صدر في 26 من هذا الشهر أي بعد يوم من نشر الجريدة نفسها خبراً عن مصادرة البحرين أسلحة كانت مهربة من إيران واعتقال رجلين اعترفا بمصدر الأسلحة. مع أن ذلك التحقيق الطويل التالي لم يضم أي إشارة إلى تهريب السلاح، بل إن اسم إيران لم يرِد في سبع صفحات ونصف صفحة، وإنما نقل عن وزارة الخارجية الأميركية قولها هذه السنة إن مواطنين أرادوا «تغيير الحكومة بالوسائل السلمية». أتهم وزارة الخارجية الأميركية بالجهل والكذب، فهي لم تكن في ميدان اللولو كما كنت أنا سنة 2011، وكتّاب التقرير لم يسمعوا مثلي الهتافات «يسقط النظام»، ولم يروا أولاداً صغاراً يحملون الحجارة وزجاجات مولوتوف الحارقة بانتظار مرور رجال الشرطة. في اليوم التالي لنشر التحقيق، قُتِل إثنان من رجال الشرطة البحرينيين وجرح ستة آخرون في عمل إرهابي، وتزامن هذا الإرهاب مع إطلاق السلطات النائب السابق جميل كاظم، رئيس شورى جماعة الوفاق، بعد سجنه ستة أشهر. وهكذا فقد سبق التحقيق تهريب سلاح وتبعه إرهاب، إلا أن إيران لا ترِد في المقال، وهي التي سمحت لعصابتها خوض الانتخابات في البحرين مرتين، ثم منعتهم. المقال يتحدث عن صحافيين معتقلين في البحرين ومصر ودول أخرى، ويورد تفاصيل كثيرة عن الصحافي البحريني فيصل هيات. لا أتمنى أن أرى أي صحافي في السجن في أي بلد، إلا أنني أفهم موقف سلطات مصرية أو بحرينية تعرف خطر التحريض، وتواجه الإرهاب يوماً بعد يوم. أفهم موقف السلطات ثم أتمنى لو يُفرَج عن جميع الصحافيين وسجناء الرأي. التحقيق يبدأ بصفحتين كاملتين عن البحرين، ثم ينتقل إلى تأييد شيعة المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية المتظاهرين في البحرين وتعرضهم للملاحقة قبل أن ينتقل إلى مصر ليزعم أن الصحافة فيها شهدت فترة ازدهار استمرت 18 شهراً بعد سقوط الرئيس حسني مبارك، ثم قمِعَت. هذا خطأ فاضح واضح، فالميديا بأنواعها ازدهرت في عهد مبارك. وكان هناك عشرات الصحف ومحطات التلفزيون الخاصة. وأقبل أن الرئيس مبارك سقط في ثورة شعبية بعد أن تظاهر ملايين ضده، ولكن أرفض أن يكون قد تبعه انقلاب عسكري كما زعم المقال، فالذين تظاهروا ضد محمد مرسي كانوا أيضاً بالملايين، وحتماً أكثر من الذين تظاهروا ضد مبارك، أي ثورة شعبية أخرى، فكيف يكون واحد منهما ثورة والآخر انقلاباً؟ في مصر والبحرين إرهاب، وقوى الأمن المصرية تدفع كل يوم الثمن من دماء أبنائها، كما تفعل البحرين. وفي مصر يطمح «الإخوان المسلمون» الذين سرقوا ثورة الشباب إلى العودة بممارسة الإرهاب الذي لا يعرفون غيره. وفي البحرين، يحاول عملاء مأجورون أن يقيموا في بلاد مزدهرة من دون موارد طبيعية تُذكر، نظاماً دينياً قمعياً كما في إيران. مصر والبحرين صامدتان، وأنا وكل عربي وطني معهما. من جريدة الحياة