هناك نقطة تحول كبيرة في الموقف التركي من الحرب الدولية على «داعش» بسوريا. التحول هو في موافقة حكومة إردوغان الإسلامية على التعاون مع أميركا والناتو والتحالف الدولي في محاربة «داعش»، خصوصا بشمال سوريا، على الحدود التركية. رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو، منظر الحزب الحاكم، قال إن السبب الرئيسي لتغيير الموقف التركي هو العملية الإرهابية التي نفذتها «داعش» في تجمع للأكراد ببلدة سروج، راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى. اعتبر هذا الأمر إعلان حرب من قبل «داعش» على تركيا، وقد تكون هذه من أكبر الحماقات التي ارتكبتها «داعش»، والسبب هو أن المعبر التركي كان دومًا هو المعبر الأكثر أمنًا لاستقبال المتطوعين مع دولة «داعش» المزعومة، من شتى أنحاء الأرض، خصوصا من خلال مدينة غازي عنتاب الحدودية، والكل بات يعرف هذا. هذا لا يعني أن حدود لبنان أو العراق لا يتسرب منها الداعشيون، لكن ذلك بسبب انهيار سلطة الحكومة على الحدود، عكس تركيا. من الظلم القول إن ثقافة الحزب التركي الحاكم تنسجم مع ثقافة «داعش»، لكن هناك وجهة نظر تركية تجاه الأزمة السورية من البداية، وحتى اليوم، بعد منح قاعدة أنجيرليك الجوية الاستراتيجية للمقاتلات الأميركية. خلاصة النظرة التركية للأزمة السورية هي أن وجود نظام بشار الأسد هو السبب الأساسي لوجود الجماعات الإرهابية، وأنه يجب «العمل» على إزالة نظام بشار، وفي هذا القدر من الرؤية تتفق مع دول مؤثرة، منها السعودية وفرنسا، ولكن هناك خلافات في البديل للنظام، فبينما تفضل حكومة العدالة والتنمية الفصائل الإخوانية، تفضل الدول الأخرى بديلاً من القوى المعتدلة «الوطنية». هناك أمر آخر تعتقد تركيا أن الأميركان والمجتمع الدولي لم يكترثوا له، وهو الخطر الأمني الذي يمثله «بعض» الأكراد على تركيا، خصوصا الفرع السوري من حزب العمال الكردي، وهناك عملية سلام تاريخية وعد بها إردوغان مع الأكراد منذ سنوات، لكنه عاد وأعلن قبل أيام انتهاء عملية السلام هذه، وطلب من البرلمان التركي تفويضًا بمقاتلة «داعش»، والحركة الكردية المسلحة. أمر ثالث أيضًا تريده تركيا، وهو منطقة حظر طيران في شمال سوريا، حتى توفر ملاذًا آمنًا للهاربين السوريين من براميل النظام وجزاري «داعش»، وقال أحمد أوغلو إن هناك مليوني سوري لاجئ في الأراضي التركية وهذا حمل كبير، والمراد هو إبقاء السوريين بأرضهم، مع توفير الأمن لهم، ضد جرائم «داعش»، وأيضًا النظام الأسدي. الأكراد المعارضون لتركيا في سوريا يقاتلون «داعش» الآن، والدول الغربية تعتبرهم رأس الحربة في مجابهة «داعش»، لكن الأساس هو تركيا، فهل يضحي الغربيون بالأكراد من أجل رأس «داعش»؟ وهل يكون هذا الأمر، إن تم، بداية تحول حقيقي لحال «داعش» في سوريا، وليس كل الدواعش في المنطقة، فسوى الروم خلف ظهرك روم، كما قال المتنبي ذات يوم لأمير حلب؟ لحظة، قد تكون، فارقة لسوريا وتركيا. من جريدة الشرق الأوسط