يهدد الجفاف، والفيضانات، والأمراض، والتغيرات المناخية محصول البن، وهو مصدر الكافيين الذي نعتمد عليه بشكل أساسي. وفي هذا التحليل يحاول الصحفي العلمي في بي بي سي ديفيد روبسون البحث عن تأثير التغيرات المناخية على محصول البن. ويقول الصحفي روبسون أن الباحثة إليسا فرانك من جامعة كاليفورنيا أجرت لقاءات مع مزارعي البن في تشيباس في المكسيك، وعرفت منهم أن زخات المطر المعتدلة التي اعتادوا عليها قد تحولت الآن إلى هطول أمطار غزيرة تهدد نبات البن الذي يزرعونه. أخبر أحد المزارعين فرانك في الماضي حظي المزارعون بأحوال جوية مستقرة ومعتدلة، لكن حالياً تتراوح درجات الحرارة بين البرد الشديد الذي يعيق النمو والحرارة الشديدة التي تؤدي إلى جفاف البذور قبل أن تنضج. كما أن هناك أعاصير وانزلاقات للتربة. أحياناً تغرق النباتات في الوحل. وقد عبر أحد المزارعين قائلا: "الأحوال الجوية غريبة جداً. أمور غريبة تحدث لم نألفها من قبل". هذه المشاكل ليست مقصورة على المكسيك وحدها. فالمزارعون في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا يشاهدون أشجار القهوة تذوي حيث تجتاح مزارعهم الأمطار الغزيرة أو الجفاف أو الآفات التي تهاجم محاصيلهم نتيجة الانحباس الحراري الذي تعاني منه الكرة الأرضية. نتائج هذا الاضطراب يمكن أن تؤثر قريبا على الامدادات التي تزود المقاهي المحلية إذ يستهلك العالم حالياً ملياري فنجان من القهوة يومياً. وتنشأ المشكلة جزئياً من طبيعة اختيارنا لنوع القهوة التي نستهلكها. يوجد نوعان من القهوة التي تنتج تجارياً: القهوة ذات الرائحة القوية "أرابيكا"، والقهوة التي تميل إلى الطعم المر، وهي تشكيلة "روباستا". وتعد قهوة "أرابيكا" هي النوع المفضل في العالم، إذ تشكل ما نسبته 70 في المئة من القهوة التي نشربها. هذه النوعيات الراقية التي نفضلها تأتي على حساب قوة النبات، فأشجار القهوة التي تنتج أرابيكا أكثر حساسية للعوامل الجوية من شقيقتها روباست. فكما ورد في على موقع "بي بي سي ماجزين" مؤخراً، استنبتت جميع نباتات أرابيكا التجارية كلها من كمية قليلة أخذت من جبال أثيوبيا، مما أثر على قوتها الجينية، وبالتالي جعلها عرضة للتأثر بالعوامل المناخية. فنبتة بن أرابيكا تنمو على النحو الأفضل في أجواء تتراوح حرارتها بين 18 و22 درجة مئوية، وتحتاج إلى هطول أمطار خفيفة ومنتظمة. تشرح اينهوا ماغراش من معهد النظم الايكولوجية في زيوريخ ما يمكن أن يحدث قائلاً: "نبات البن يزهر فقط لمدة 24 ساعة، لهذا إن حدث شيء أثناء فترة الازهار، كهبوب عاصفة قوية مثلاً، فإنها تقضي على جميع المحصول". ضغوط أخرى تأتي من حقيقة أن أعداء نبات البن من الكائنات الحية يعيشون على الطقس الحار، بما في ذلك الحشرات الزراعية والديدان، فضلا عن الآفات مثل صدأ الأوراق، والتي تدمر النبات. وقد تنبأ الباحثون بأن الأراضي الزراعية التي يمكن أن تستخدم لزراعة بن أرابيكا ستنخفض بنسبة 50 في المئة عام 2050. وستكون أكثر المناطق تأثراً بهذا الانخفاض فيتنام والهند ومعظم وسط أفريقيا. وسوف تكون النتائج خطيرة لكل من المنتجين والمستهلكين للقهوة على حد سواء. يقول كريستيان بون في أطروحته للدكتوراة إن أسعار القهوة سترتفع بنسبة 50 في المئة عن سعرها الأصلي. من المرجح أن يتحول المزارعون إلى محاصيل أكثر استقراراً، تلك التي تدر عليهم أرباحاً أكثر من البن. والحل هو تغيير نوع القهوة فتعتبر بذور بن روباستا أكثر تحملاً للظروف الجوية نظرا لصلابتها. وتقول ماغراش إنها تفضل التوسع في زراعة هذا النوع من البن نظرا لاستمرار ارتفاع درجات الحرارة. إذا كان الأمر كذلك، فإن تغييرا بسيطاً في مذاق القهوة من شأنه أن يحل المشكلة، ومن ثم نتعود على زيادة المرارة في طعمها بالتدريج.