2015-10-10 

الغرباء لا يشربون القهوة

داود الشريان

الغرباء في سوريه يشبهون غرباء الكاتب المسرحي الراحل محمود دياب في مسرحية «الغرباء لا يشربون القهوة». ليسوا ضيوفاً لشرب القهوة، بل لأغراض أخرى. لا يتحدثون مع صاحب البيت، ويصعب التمييز بينهم، على رغم أن مظهرهم الخارجي يكاد يكون متشابهاً، يرتدون زياً يشبه ملابس النساء، وعيونهم على الأرض. أحداث مسرحية محمود دياب تنتهي بقيام الغرباء بتدمير خزانة صاحب البيت، حيث يحتفظ بهويته ووثيقة أرضه وكل تفاصيل حياته، والغرباء في سوريا يحاربون من أجل هدف مشابه، أو هكذا نعتقد. لكن أحداث «المسرحية السورية» تبدلت، وأصبح الغرباء فيها يشربون القهوة. وبدلاً من أن تنتهي أحداث سورية في نهاية المشهد الرابع، كما حدث في المسرحية، جرى تمديد العرض لفصول أخرى، وشاع في فضاء المسرح السوري ضوء أخضر، ينذر بمعطيات جديدة، وإن شئت، بأحداث مثيرة ومروعة. أضيف عنصر غموض أو تشويق. دخل المقاتل التركي الى الساحة لمواجهة وصول أكراد سورية إلى السيطرة على مناطقهم التاريخية. تبدلت طبيعة الصراع على المسرح السوري. هل ستنحصر فصول المسرحية القادمة بين الأكراد وتركيا، أم سيكون للغرباء الذين أشعلوا الفصول الأربعة الماضية دور في التطورات الجديدة؟ هنا تفوق كاتب نص «المسرحية السورية» على الكاتب المبدع محمود دياب. مسرحية «الغرباء لا يشربون القهوة» من فصل واحد، بأربعة مشاهد، ولا يتحدث فيها سوى صاحب البيت، والغرباء فيها صامتون، يتناوبون الدخول الى خشبة المسرح، ومن يأتي مرة لا يعود، لكن أبطال المسرحية السورية صار لهم أصوات وشعارات، ويقاتلون بشراسة، ويعاودون الظهور مرة تلو أخرى، ولكن بلغة أخرى جديدة، وأهداف مختلفة. والأهم أن مخرج المسرحية السورية، أضاف اختلافاً آخر جوهرياً بين المسرحيتين. لم يعد الصراع في المسرحية السورية حول حقوق صاحب البيت، بل حول حقوق جيرانه. نقلت تركيا صراعها التاريخي مع الأكراد إلى الأرض السورية، خشية أن يعاود «حزب العمال الكردستاني» حلمه القديم في إقامة دولة كردية على أرض كردستان التاريخية، ولهذا فإن الفصل الراهن من المسرحية السورية ينطوي على غموض وتعقيد، هكذا تبدو الأحداث للمشاهد، الذي بات يسأل عن بقية الغرباء ومصيرهم ودورهم القادم؟ هل ينغمس الجميع، مجدداً في الأحداث، كما انغمست تركيا في صراع المسرحية السورية الطويل؟ هل سيتحالف الغرباء مع تركيا مجدداً، أم أن الأحداث ستتجه إلى إلغاء دورهم أو تغيير أهدافه؟ لا أحد يستطيع أن يتنبأ بمسار أحداث الفصول القادمة من المسرحية السورية المفجعة، لكن من الواضح أن المسرحية تنذر بتطورات تشبه تلك التي نشاهدها في مسرح اللامعقول، فضلاً عن أنها ستتسم بعنف أشد من البراميل الحارقة. لم يعد الصراع في سوريا من أجلها أو عليها، أصبح صراعاً على المنطقة العربية برمتها، وربما انتهت أحداث مسرحيتها الدامية بصورة مفتاح كبير متعدد الأسنان، كرمز لنهاية الصراع بتقسيم المنطقة. من جريدة الحياة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه