بعض مؤيدي الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب يقولون إنه سيغير من سلوك إيران مع مرور الوقت، ويجعل الجمهورية الإسلامية أكثر تحررًا على الصعيد الداخلي وأكثر مسؤولية على المستوى الإقليمي وأكثر قربًا من الغرب على المستوى الدولي. وبحسب بي بي سي أكد المؤيدون أنّ دمج إيران في الاقتصاد العالمي ربما يحدث بعض التغييرات الاجتماعية والسياسية أيضًا، لكن الإصلاحيين يرون أن هذا لن يكون أمرًا سهلا. قبل التوصل إلى اتفاق، كان خصوم إيران يتحدثون عن طموحاتها في تصنيع قنبلة نووية وضرورة وقفها، وبعد الاتفاق، تحول هؤلاء الخصوم إلى تغيير قواعد اللعبة لوضع العراقيل أمام إيران من خلال الحديث عن سجلها السيء في حقوق الإنسان وطموحاتها التوسعية الإقليمية، وقالوا إن الاتفاق الذي يتضمن رفعا للعقوبات الدولية سيُمَكِّنُ إيران من تمويل هذه الطموحات. لكن إيران والولايات المتحدة بدأتا الآن مهمة لطمأنة الدول العربية في الخليج بأن الوضع لن يكون كذلك، إيران تأمل في حدوث نقلة اقتصادية كبيرة في بلدهم بعد الاتفاق النووي ويخشى المتشددون من أن إنهاء الخلاف بشأن البرنامج النووي وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة قد يؤدي إلى نهاية ثورة تمحورت على مدى 36 عاما حول محاربة "الشيطان الأكبر" (الولايات المتحدة) وفرض قيود دينية صارمة على حياة الناس اليومية. وعلى الأرجح ستزيد شعبية الرئيس حسن روحاني وحكومته عقب الاتفاق النووي، وسيسعى المتشددون الإيرانيون إلى مواجهة هذا الأمر على الجبهة الداخلية من خلال السعي حثيثا لعرقلة أي محاولات لتنفيذ إصلاحات اجتماعية وسياسية. لا تسيطر إدارة روحاني على مؤسسات مهمة مثل القضاء والإذاعة والتلفزيون الرسمي والشرطة والجيش، لكنها تخضع لسيطرة محافظين يعينهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. هناك سابقة لهذه الاستراتيجية من قبل، إذ إنه خلال عهد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي (الذي ترأس البلاد بين عامي 1997 و2005)، انفتحت العلاقات الخارجية والتجارية بينما فرض مزيد من الضغط على الصحفيين والنشطاء المدنيين. ومن شأن اتخاذ إجراءات صارمة ضد وسائل الإعلام ونشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين أن يبعث برسالة واضحة للإيرانيين بأن إبرام اتفاق نووي لا يعني إنهاء قيم الثورة. وقد يؤدي الفشل المحتمل للرئيس روحاني في إحداث تغيير في هذه المجالات إلى تأجيج الشعور بالاستياء من حكومته. الساحة الكبيرة للمعركة المقبلة ستكون انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء المقررة في فبراير ، وهو المجلس الذي يضطلع بمهمة تعيين المرشد الأعلى ومراقبته. أظهر آية الله خامنئي في الماضي أنه يفضل توازنا للسلطة يجمع بين جهاز تنفيذي معتدل وبرلمان محافظ وليس تسليم السلطة إلى قوى ذات توجهات إصلاحية يمكن أن تقوض قاعدته الشعبية. في ظل احتمال رفع العقوبات عن إيران، بدأت أعداد كبيرة من رجال الأعمال الأجانب تتدفق على طهران خلال الأسابيع القليلة الماضية في مسعى منهم لضمان "الميزة التي يتمتع بها أول المستثمرين الأجانب" قبل إبرام عقود استثمار. بدأ العشرات من الشركات الفرنسية والألمانية والإيطالية والنمساوية محادثات مع نظيراتها الإيرانية بانتظار الإعلان الرسمي عن رفع العقوبات عنها خلال الأشهر القليلة القادمة. وعدل المسؤولون الإيرانيون تقديراتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي لبلدهم من مستوى 2% حاليا إلى ما بين 3 إلى 4% هذا العام بفضل تزايد العائدات النفطية والاستفادة من الحسابات المصرفية التي كانت مجمدة لدى الغرب. تأمل حكومة الرئيس روحاني في أن يوفر هذا النمو الوظائف ويحسن من الظروف المعيشية لملايين الإيرانيين. ويشارك الكثير من الإيرانيين آمال رئيسهم في تحسن الأوضاع في بلدهم. لا يزال علي خامنيئ هو الشخصية الرئيسية في نمو إيران مستقبلا وقال محمد، الذي فضل ذكر اسمه الاول فقط، في تصريح لخدمة بي بي سي الفارسية عبر الهاتف من طهران: "إذا أحدثت الحكومة تحولا في الاقتصاد، فإن جوانب أخرى من بينها حقوق الإنسان ستتحسن بدورها".