قبل أسبوعين قتِل الطفل علي دوابشة، وهو اإبن ثمانية عشر شهراً، في هجوم لمستوطنين على دور بلدة دوما في الضفة الغربية المحتلة، ونقلت ميديا العالم كله الخبر وكيف مات الطفل حرقاً، ثم نقلت موت أبيه بعده متأثراً بما أُصيب به من حروق. منذ وفاة الطفل علي ثم أبيه سعد حتى اليوم أقرأ في الميديا الأميركية أخباراً عن أن حكومة اسرائيل تقمع شبكات المتطرفين من المستوطنين. كل مستوطن متطرف محتل، وحكومة مجرم الحرب بنيامين نتانياهو تمثلهم قبل غيرهم من الإسرائيليين، ففي إسرائيل دعاة سلام كثيرون يمكن أن يتعايش الفلسطينيون معهم، إلا أن في الحكم مجموعة نازية جديدة إرهابية مجرمة أقنعت غالبية من الإسرائيليين بأن وجودهم في خطر. الصحافة الإسرائيلية وصفت الهجوم على دوما بأنه جزء مما يُعرَف باسم «دفع الثمن»، والمقصود أن المستوطنين يردون على أي إعتداء عليهم، سواء من الفلسطينيين أو الجيش الإسرائيلي، بعنف مماثل. الفلسطينيون يدفعون الثمن منذ 1948، والجيش الإسرائيلي هو جيش الاحتلال، إلا أن بين المستوطنين عصابات قتل وحرق وتدمير تزعم أنهم محاصرون، فلا أقول سوى إنني أتمنى ذلك. قرأت أن السلطات الإسرائيلية اعتقلت تسعة متطرفين وأقول أن في الضفة 400 ألف متطرف، أو مجموع المستوطنين. وأزيد للقارئ العربي أن المستوطن المتطرف يُعتقَل مع طبل وزمر ثم يُفرَج عنه سراً، ولا يسمع به أحد. الميديا الأميركية تزيد على الجرح الإهانة عندما تفسِح «نيويورك تايمز» مجالاً في صفحاتها ليكتب نفتالي بنيت، زعيم حزب البيت اليهودي، ووزير التعليم وشؤون الهجرة. هو ابن مهاجرين الى فلسطين المحتلة من الولايات المتحدة، وهو متطرف حتى العظم، ومقاله كان حقيراً مثله فقد تحدث عن ضرورة قمع الجماعات المتطرفة وأشار الى موت شيرا بانكي بعد أن هاجم المستوطن المتطرف يشاي شليسل مهرجاناً لمثليي الجنس فقتلها وجرح عشرات آخرين. لو اكتفى بنيت بمتطرف مثله لما تحدثت عنه، إلا أنه يُكمل قائلاً إن اليوم التالي للهجوم على الشاذين شهد قتل الطفل علي دوابشة وإصابة أعضاء أسرته بحروق بالغة يُعالجون منها حتى الآن في المستشفيات. كيف يمكن الجمع بين بنت تتظاهر مع مثليي الجنس وقتل طفل فلسطيني؟ علي دوابشة رقم في سلسلة، وقد قتِل قبله ألوف الصغار والكبار، مثل 517 طفلاً في الحرب على قطاع غزة في الصيف الماضي. في وقاحة بنيت أو أوقح، إن كان هذا ممكناً، كاتب اسمه روبرت ماكاي كان عنوان مقاله في الجريدة نفسها «الهجوم على مهرجان مثليي الجنس يهز صورة اسرائيل كقلعة للتسامح». اسرائيل قلعة تسامح؟ اسرائيل قلعة إرهاب في فلسطين المحتلة. كل مَنْ يدافع عنها نصير للإرهاب أو إرهابي. بالمناسبة، الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة لم تنته، فالقطاع تحت حصار مستمر والى درجة أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طالب الدول المانحة بمبلغ طارئ إضافي للإنفاق على التعليم والتغذية. الفلسطينيون يموتون برصاص أو حريق أو حصار، والأمّة نامت نوم أهل الكهف.