مضى 45 يوماً على معركة الزبداني التي يبدو أن النظام وميليشيا «حزب الله» تستميت من أجل إسقاط المدينة ذات الرمزية الكبيرة في الثورة السورية والمهمة لدى الجيش السوري الحر، والتي توازي في أهميتها الاستراتيجية مدينة القصير التي سقطت في يد جيش النظام السوري و«حزب الله»بعد أسبوعين من القتال العنيف، إلا أن الزبداني تبدو عصية على السقوط، لكن هل يستمر صمودها أم تسقط تحت وابل البراميل المتفجرة والاشتباكات بين قوات المعارضة و«حزب الله»؟.. ويبدو أن النظام مصرٌ على تأمين حدوده مع لبنان؛ إذ يضمن من خلالها استمرار الدعم اللوجستي والتواصل مع ميليشيا «حزب الله» ويقطع الطريق على الثوار من أجل الحصول على منفذ دولي آخر، وهي بالمناسبة ذات الأهمية التي كانت تكتسبها مدينة القصير الاستراتيجية التي كانت علاوة على أهميتها من الجهة اللبنانية تكتسب أهمية باعتبارها حلقة وصل لربط دمشق بحمص. لكن الحصار المطبق على الزبداني يخبّئ خلفه أسباباً منها حرص النظام على تأمين كامل الحدود مع الجنوب اللبناني، إضافة إلى رغبة إيران إحداث تغييرٍ ديموغرافي من خلال تبادل سكاني قسري بين أهالي الزبداني وبلدتي كفريا والفوعة (ذات الأغلبية الشيعية) والتابعة لإدلب والتي تبعد عن الزبداني حوالي (400 كلم)، حيث تسيطر على غالبية المنطقة قوات المعارضة، مما سيؤدي لتغيير ديموغرافي ومذهبي خطير، يستطيع النظام من خلاله تعزيز العاصمة دمشق وما حولها وإصباغها بمظهر مذهبي معين، وكأننا بصدد تشكيل دولة جديدة ذات انسجام طائفي مع الجنوب اللبناني حيث معاقل «حزب الله» الذي يريد تأمين ظهره خشية أن يهاجم في حال حدوث تحوّلات أو سقوط النظام السوري. يتفق ذلك مع ما صرح به رئيس النظام بشار الأسد بأن هنالك أولويات لبعض المناطق تبعاً لأولويات القيادة والوقائع الميدانية. ما يحدث اليوم في الزبداني يستوجب تدخلاً إقليمياً ودولياً من أجل رفع الحصار عن سكان المدينة وإيقاف العبث بمكوناتها من خلال الضغط على طهران التي تقف وراء «حزب الله» المقاتل الرئيسي على الأرض.. ويكشف الحاصل اليوم ضعف القنوات السياسية المتقاطعة في سورية، وعلو كعب التنظيمات المسلحة في إبرام الهدن والاتفاقيات، فأحرار الشام و»حزب الله» المدعوم من إيران يقودان عمليات التفاوض والنقاش حول الزبداني.