نددت الحكومة العراقية بتصريحات رئيس الأركان الأميركي الجنرال رايموند أديرنو التي قال فيها إن تقسيم العراق قد يكون الحل الوحيد لحل أزمته. ووصف بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هذه التصريحات بأنها غير مسؤولة وتنم عن جهل. وبحسب الفرنسية قال الجنرال أديرنو، الذي سيتقاعد من منصبه كرئيس أركان ،الجمعة، في تصريحات صحفية الأربعاء إن "المصالحة بين الشيعة والسنة تزداد صعوبة وتقسيم العراق ربما يكون الحل الوحيد". وفي رده على سؤال عن فرص المصالحة بين السنة والشيعة، قال رئيس الأركان الأمريكي، ريموند أوديرنو، إن "العراق ربما لن يبدو في المستقبل كما كان عليه في الماضي". وووفقًا لبي بي سي أضاف أوديرنو، الذي سيسلم مهام منصبه الجمعة إلى خلفه الجنرال مارك ميلي، أن في العراق ثلاثة مكونات قد تمثل أساسا ملائما للتقسيم، الأكراد الذين يتمتعون بالفعل بحكم ذاتي، والسنة، والشيعة. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الكيفية التي يمكن أن يتم بها هذا التقسيم "تعود إلى المنطقة والسياسيين والدبلوماسيين". ويرى أديرنو أنه يتعين على الولايات المتحدة دراسة تعبئة قوات إسناد داخل العراق إلى جانب القوات العراقية لمواجهة تنظيم داعش إذا لا يتحقق أي تقدم في الحرب ضده خلال الأشهر المقبلة. وتأتي تصريحات رئيس الأركان الأمريكي بعد يوم واحد من إقرار البرلمان العراقي، الثلاثاء، بالإجماع حزمة إصلاحات تقدم بها رئيس الوزراء العراقي، نالت تأييد قطاعات كبيرة، تهدف إلى القضاء على الفساد والمحاصصة الطائفة واعتبار الكفاءة كمعيار وحيد لتقلد المناصب. فكرة تقسيم العراق إلى ثلاث دول ليست بالجديدة في الطرح الأمريكي، فقد سبق لوزير الخارجية الأسبق، هنري كيسنجر أن دعا في مارس 2006، إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مكونات مرجحا أن يكون مصير العراق كمصير يوغسلافيا السابقة. ونادى نائب الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، عندما كان نائبا عن الحزب الديموقراطي في الكونجرس الأمريكي في مايو 2006، إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق كردية وسنية وشيعية يتمتع كل منها بحكم ذاتي معللا دعوته بأنها الحل الأفضل لتجنب تمزيق العراق عبر العنف الطائفي. ومن الجدير بالذكر أن بايدن تراجع، في إبريل 2015، عن رأيه السابق مناديا بعراق موحد لمواجهة تنظيم داعش. وفي ذات السياق، لا يخفي الأكراد رغبتهم في دولة مستقلة، إذ قال رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود برزاني، خلال زيارته للولايات المتحدة الأميركة، في مايو الماضي إن وحدة العراق "اختيارية وليست إجبارية". وأضاف عبر حسابه على توتير "لا أعلم متي ستستقل كردستان، لكن الاستقلال بالتأكيد على الطريق". وفي المقابل، تصطدم فكرة تقسيم العراق بعقبات عدة داخليا وخارجيا. على المستوى الداخلي المحافظات العراقية متداخلة طائفيا، والمجتمع العراقي يضم مكونات دينية وعرقية أخرى علاوة على الثلاث الكبرى الكردية والسنية والشيعية، وهنا يطرح السؤال ماذا سيكون مصير هذه المكونات إذا ما تم التقسيم؟ من جهة ثانية تمثل الثروات الطبيعية عموما والنفطية على وجه الخصوص عقبة أخرى رئيسية، سيما وأنها تلك الثروات موزعة بشكل غير متساو بين المحافظات المختلفة. ثم كيف يمكن تقسيم الأراضي الشاسعة التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ يونيو 2014. خارجيا وإقليميا لا يمكن إغفال معارضة دول كبرى مجاورة، مثل تركيا وإيران، لفكرة تقسيم العراق خشية أن يؤدي ذلك إلى إثارة نعرات انفصالية داخل حدود هذه الدول. هذا وتنشر الولايات المتحدة أكثر من 4500 عسكري في العراق يقومون بمهام استشارية وتدريبية. ويعتقد مراقبون أن ظهور التنظيم المتشدد يعزز من التكنهات بشأن احتمال انقسام العراق في النهاية بين السنة والشيعة والأكراد. وتولى العبادي رئاسة الوزراء قبل عام واحد، وهو يسعى للتوفيق بين الشيعة والسنة.