القصاص حياة، والقتل أنفى للقتل، والعدالة الناجزة هي ضمانة الاستقرار ودرب الدولة الرشيدة. بالأمس أعلنت السلطات السعودية عن تنفيذ حكم قضائي بات بإعدام عنصرين من تنظيم القاعدة، من الجنسية التشادية، قاما بقتل مواطن فرنسي في جدة غرب السعودية، عام 2004، وأيضًا تكوين خلية إرهابية، لقتل شخصيات من الدولة ومقيمين غربيين. الحق أنه ليس «أول» إعدام ينفذ بحق قتلة إرهابيين، كما يظن بعض الإعلام، فقد سبق في أبريل (نيسان) 2005 إعدام قتلة وكيل إمارة الجوف حمد الوردي، ومعه أيضًا القاضي السحيباني، والضابطان الربيع والرويلي. كان من نفذوا سلسلة الاغتيالات تلك ينتمون لخلية تعتنق فكر «القاعدة»، وسبق لأعضائها التجند في أفغانستان. كما سبق أيضًا تنفيذ حكم الإعدام في أعضاء الخلية التي قامت بتفجير مقر بعثة تدريب الحرس الوطني بحي العليا 1995، بعد نحو عام من حدوث العملية. وهذه كانت مجموعة عبد العزيز المعثم التي كانت على ارتباط وثيق بمفتي الزرقاوي، أبي محمد المقدسي، وبجماعة «القاعدة» من قبل. الحادثة الأشهر هي إعدام عشرات من جماعة جهيمان التي اقتحمت الحرم المكي في أول يوم من عام 1400 هجريا. وطبعا حينها لم يكن ثمة تنظيم قاعدة ولا فكر «جهادي» خارجي، ولكن هي جماعة متطرفة حملت السلاح، أي تنتمي لمجال الإرهاب الديني. كل هذا صحيح، لكنه لا ينفي القول بأن هناك خلايا كثيرة منذ اندلاع الإرهاب بموجته الجديدة في السعودية في 2003 بشكل خاص، على يد تنظيم القاعدة هذه المرة بشكل رسمي وتنظيمي واضح، على يد المؤسسين يوسف العييري وعبد العزيز المقرن وكريم المجاطي ويونس الحياري وخالد الحاج وسعود العتيبي وصالح العوفي وتركي الدندني، وغيرهم. هناك عمليات قتل كثيرة، بعض أعضائها ما زالوا أحياء وصدرت بحقهم أحكام وهم في السجن، مثلا خلية اقتحام مجمع الواحة في الخبر، وقتل الناس هناك بالجملة. نعم هناك اعتبارات تقتضيها ربما مصلحة التحقيق وتقصي المعلومات من هؤلاء الأعضاء، لكن أظن أن تجسيد هيبة الدولة وحكم القضاء، في المتورطين بالدماء والقتل، هو واجب لمصلحة الكل. ما لفت انتباهي في بيان التنفيذ بحق قتلة الفرنسي، أمس، هو أنه ذكر أن كل مقيم في البلد هو في حماية الدولة ودمه وماله مصانان، بصرف النظر عن دينه وهويته، وهذا ما كان واضحا في البيان حين أكد على «حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على استتباب الأمن وتحقيق العدل في كل من يتعدى على الآمنين ويسفك دماءهم أو يسلب أموالهم». هذا هو الصحيح، والنهج الحازم