من المقرّر أن تستضيف المكسيك المؤتمر الأول للدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة في الفترة الممتدة من 24 وحتى 27 أغسطس الجاري. وتأمل سويسرا أن يتم اختيار مدينة جنيف كمقر للأمانة الدائمة للمعاهدة. والسؤال الذي يطرح نفسه أثناء عقد معاهدة كهذه، من المسئول عن الإرهاب هل هي الدول المستوردة للسلاح أم المصنعة له أم المانحة؟ وفي تقرير جديد لموقع سويس إنفو حول هذه المعاهدة يقول التقرير "إنها المرة الأولى التي تفرض على الدول المصدِّرة للأسلحة إجراء عملية تقييم [لكل صفقة استيراد، تصدير، ترانزيت أو وساطة، للتحقّق من وجود خطر لاستخدام الأسلحة المُباعة للالتفاف على حظْر دولي أو في انتهاك لحقوق الإنسان]، قبل المصادقة على هذه الصادرات. و يوضح مارك فينو، خبير نزع السلاح في مركز جنيف للسياسات الأمنية (GCSP)، وهي إحدى المؤسسات العديدة التي تتعامل مع قضايا السلام والأمن ونزع السلاح في جنيف. أن معايير التصدير يجب أن تتفق بالأخص على القانون الإنساني الدولي (اتفاقيات جنيف) وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وليس الهدف الرئيسي لهذه المعاهدة الدولية، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل 2013، هو الحد من بيع الأسلحة التقليدية، ولكنه يتعلَّق بتحديد ضوابط أكثر صرامة على إصدار تراخيص التصدير. وتسعى المعاهدة لمنع الإتِّجار غير المشروع، بالأسلحة التقليدية ، بُغية تحقيق السلام والأمن، على الصعيديْن الدولي والإقليمي، والحدّ من المعاناة الإنسانية وتعزيز التعاون والشفافية والعمل المسؤول بينها. ومن المُفترض أن تُرَسِّخ المعاهدة التي وقَّعت عليها حتى اليوم 130 دولة، بينها 72 دولة صادقت عليها بالفعل، إطار عمل لتنظيم سوق مُزدهرة. وكما تشير الإحصاءات، تتباين تجارة الأسلحة الدولية منذ عام 2009 بين 30 و40 مليار دولار سنويا، في حين يبلغ الإنفاق العسكري العالمي منذ عام 2009 ما يقارب 1700 مليار دولار سنوياً أو نحو 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي . ووفقاً لفينو، فإن دول الشرق الأوسط هي "مِن أهَم عملاء مُصدِّري الأسلحة، وهي مِنطقة صِراع لا تخلو من الموارد". هل يصح الحديث عن سباق تسلّح إذن؟ "نعم جزئيا"، كما يرى فينو. "السِّباق قائم بين الدول المُصَدِّرة للأسلحة، وهذه السوق لا تعرف الهِبات. ففي حال تخلَّت دولة ما عن بيع سلاح معيَّن، فسوف تهرع دولة أخرى لتقديم ما لديها. وتكمُن قوة معاهدة تجارة الأسلحة (التي يُشار إليها إختصاراً بالحروف ATT) بالدرجة الأولى، بضمان إيجاد درجة من الشفافية في تجارة تفضل العمل في الخفاء أو في جوّ من التعتيم. ولتحقيق ذلك، فإن من المهم أن لا يتبدَّد جوهر المعاهدة في المفاوضات المقبِلة المتعلّقة بتنفيذ وتشغيل المعاهدة في الهواء. وهذا هو التحدّي الذي سيواجهه المؤتمر الأول للدول الأطراف، الذي سيُعقد في الفترة ما بين 24 و27 أغسطس الجاري في مدينة كانكون المكسيكية. على صعيد آخر، تشعر المنظمات غير الحكومية، مثل منظمة العفو الدولي، بالقلق، كما يؤكّد آلان بوفارد من الفرع السويسري لهذه المنظمة. "لقد كافحنا عشرين عاما للخروج بهذه المعاهدة، ولكي تجد الشفافية طريقها للتطبيق في جميع عمليات تصدير الأسلحة. وكما يوضِّح الناشط في مجال حقوق الإنسان: "قامت الدانمرك بتقديم مقترح لإشراك المنظمات غير الحكومية بشكل كامل [في عملية التقييم]، وهوما رحّبت به العديد من الدول الإفريقية، على عكْس دول أخرى، مثل فرنسا أو ألمانيا، التي رفضت المقترح تماماً. من جهته، يرى اروين بولينغر، رئيس الوفد السويسري لمؤتمر كانكون، الأمور بشكل مختلف. "إن الدول التي وقّعت على المعاهدة، مؤيِّدة لها بشكل كامل. أما الدول المعارضة فمُمَثلة بتلك التي لم توقّع على المعاهدة". وكما هو واضح، فإن أكبر مصدِّر للسلاح اليوم - وبنسبة مَبيعات تفُوق نصف إجمالي المبيعات العالمية - هو الولايات المتحدة الأمريكية، التي وقّعت على المعاهدة بدورها، ولكنها لم تُصادِق عليها بعدُ. "مع ذلك، ستجِد واشنطن نفسها مُضطرّة إلى أخذ هذه المعاهدة بعين الإعتبار"، كما يقول بولينغَر، المسؤول عن تنسيق الرقابة على الصادرات والعقوبات في كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية (سيكو). "بالنسبة لروسيا والصين، فإن وقت التوقيع لم يَحِن بعدُ. ولكن حقيقة إنضمام دول كبرى أخرى مُصَدِّرة للسلاح، مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى هذه المعاهدة، سوف يمنحها قاعِدة صلْبة، وقد يؤثِّر على دول مثل روسيا، ويدفعها للتكيّف - ولو جزئياً - مع الإلتزامات الأساسية للمعاهدة". ويبرز السؤال حول قابلية معاهدة تجارة الأسلحة على تغيير هذا الوضع. فينداو، الذي يوَدُّ أن يؤمن بذلك، يرد بالقول: "تحظر المعاهدة تصدير الأسلحة إلى المناطق التي يمكن أن تستخدم فيها لارتكاب جرائم حرب. فالدول المصدِّرة والوسطاء مُلزمون بالتحرّي وتقييم الوضع [ما إذا كانت ستُستخدَم في عمليات إبادة أو جرائم حرب أو من قِبل إرهابيين أو عِصابات جريمة منظمة]. وبدوره، سيكون المجتمع المدني يقِظاً وسيضطلع بدور الحارس". بيْد أن بوفارد يرى أن العديد من الدول الأعضاء ترغب بنشر الحدّ الأدنى من البيانات فقط. وهكذا، ستكون مسألة الشفافية برمّتها التي تهدِف إليها المعاهدة، موضِع تساؤل".