أعلنت منظمة الأمم المتحدة عن اقتحام مسلحون إحدى المدارس في جنوب السودان، وخطف 89 طفلاً،السبت، في هجوم لم تتضح ملابساته حتى الآن. وقع الهجوم قرب مدينة "مالكال"، كبرى مدن ولاية "أعالي النيل"، والتي تضم مخيماً لآلاف النازحين الذين فروا من قراهم، بسبب المعارك التي اندلعت في أحدث جمهوريات القارة الأفريقية، قبل عدة أشهر. وأوضحت وكالة الأمم المتحدة للأطفال أنّ "المسلحين تجمعوا خارج أحد المناطق السكنية، وفتشوا المنازل وخطفوا أطفال، غالبيتهم ممن تزيد أعمارهم على 12 عامًا. وحذر ممثل منظمة "اليونيسيف" في جنوب السودان، جوناثان فيتش، الخاطفين من أنهم بذلك ينتهكون القانون الدولي، مشيرًا إلى أنّ "تجنيد الأطفال واستغلالهم في الصراعات المسلحة، يؤدي إلى تدمير العائلات والمجتمعات." وتشهد دولة جنوب السودان معارك طاحنة، خلفت آلاف القتلى، في أعقاب إعلان الرئيس سلفاكير، في ديسمبر/ كانون الأول 2013، عن إحباط محاولة انقلاب ضده، متهمًا نائبه السابق، ريك مشار، بالوقوف خلفها. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أعمال العنف في جنوب السودان أدت إلى تهجير نحو 1.5 مليون شخص من مناطق النزاع، أو القريبة منها، إلى مناطق أكثر أمناً، وخصوصاً مقار المنظمة الدولية، وتقدر مصادر عدد الضحايا بين 50 ألفا- 150 ألف قتيل. وبدات المعارك في جوبا، داخل جيش جنوب السودان بسبب خصومة سياسية، ثم امتدت إلى باقي مناطق البلاد ورافقتها العديد من المجازر بحق المدنيين على أسس اثنية. وشهدت العاصمة جوبا والدول المجاورة إحياء الذكرى الحزينة لبدء الصراع الدامي، حيث لجأ مئات آلاف من أهالي جنوب السودان، بمواكب دينية وايقاد الشموع ليلا. ولا توجد أي حصيلة رسمية للقتلى، لكن فريق الأزمات الدولية يقدر أن 50 ألف شخص على الأقل قتلوا، في حين يتحدث دبلوماسيون عن ضعفي هذه الحصيلة. ونشر ناشطون جنوب سودانيون الاثنين لائحة أولى جزئية تضم 572 ضحية مؤكدة ستتم تلاوة أسمائهم في أمسيات في جوبا ونيروبي، وعبر إذاعات جنوب السودان وفق ما يأملون. وطرد نحو مليوني شخص من منازلهم بسبب العنف، كما أصبح نصف سكان البلد البالغ عددهم 12 مليونا بحاجة الى مساعدة إنسانية، حسب الأمم المتحدة. وبقيت التهديدات بعقوبات دولية بحق المسؤولين في جنوب السودان بلا تأثير، وقلة من يتوقعون حلول السلام في الأمد القصير. ولم يتم احترام أي من اتفاقات وقف إطلاق النار الموقعة، وكشف سكاي ويلر من منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن "غياب تام للإرادة السياسية" في إنهاء المعارك أو محاكمة المسؤولين عن الفظاعات في المعسكرين. وتخشى منظمة "أوكسفام" أن تستانف مع بدء فترة الجفاف من العام هذه الأيام، المواجهات التي خفت حدتها في الأشهر الأخيرة. وبحسب الأمم المتحدة، سمحت عمليات، مكثفة ومكلفة، لإلقاء مظلات للمؤن حتى الآن بتفادي المجاعة التي لا تزال تهدد الأهالي. ولفت توبي لانزر مسؤول المساعدة الإنسانية في الأمم المتحدة في جنوب السودان إلى أنّ "الأمم المتحدة ستخوض مجددًا سباقا ضد الزمن والمجاعة في بداية 2015"، معربًا عن خشيته من تدهور إضافي للوضع "الخطر" أساسًا. وحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فإن نحو 12 ألف طفل تم تجنيدهم للقتال من المعسكرين. وشدد فرانز روشنشتين، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، على أن الاهتمام الدولي "تحول عن جنوب السودان في الأشهر الأخيرة، لكن الاحتياجات تبقى ضخمة".