في الأسبوع الفائت تلقيت دعوة كريمة كصحافي دولي من الرئيس العام لمحطة (نينغشيا) للإذاعة والتلفزيون، السيد (عبد الرحمن يو شوي)، لحضور مؤتمر صحافي في العاصمة الصينية «بكين» للترويج والتعريف بمعرض الصين والدول العربية، الذي سيعقد خلال الأيام المقبلة بمقاطعة (نينغشيا) الصينية، فقبلت تلك الدعوة الكريمة وقررت أن أُلبيها بالحُب والمودة كما بُعثت بالحُب والمودة، فرتبت أموري وحزمت أمتعتي وأقلعت جوّاً باتجاه العاصمة العظيمة بكين. في الحقيقة أشياء عديدة جعلتني أقبل المشاركة في ذلك المؤتمر، منها حُبي الشديد للسفر والرحلات واكتشاف الدول والأماكن وطبيعة الشعوب، فأردت أن يزيد رصيد خبرتي من تلك الأمور، خاصة وأن الصين بلد عظيم وشعب عظيم وتاريخ طويل ومتشعب وذو حضارة كبيرة تحدث عنها التاريخ بالفم المليان! على مقعد الطيران القطري كنت وحيداً من دون أي صديق، وبلا أي رفيق ذي لسان عربي يحدثني وأحدثه ويسليني وأسليه، حيث كانت الطائرة مكتظة بالوجوه الصينية ذات الملامح المتشابهة وذات الأفواه سريعة الكلام، وكنت أنا مكتظاً بالتعب والسهر والترقب، ولا أملك أي طاقة للقراءة أو حتى مشاهدة التلفزيون أثناء الرحلة، لذا قررت أن أتناول حبّة «منومة» ترّيحني وتعزلني عن كل ما لا أريده في تلك اللحظات، ولكي أقطع بها الساعات السبع التي تمضيها الطائرة في طريقها إلى بكين. في مطار بكين الدولي وجدت أستاذتين كريمتين في صالة الوصول تنتظراني، وكانت إحداهما تحمل ورقة في يدها كتب عليها اسمي، وما أن رأيتهما حتى ارتحت لوجودهما، وكيف لا أرتاح وأنا لا أجيد اللغة الصينية ولا أعرف من الإنكليزية إلا القشور ولا أعرف أي صديق في الصين. دنوت منهما مبتسماً وألقيت عليهما السلام وأخبرتهما بأنني أنا الشخص المنتظر، فقالت شيرين بلهجتها العراقية: «هلا بيك سيد حسين»، وقالت لي سليمة الصينية باللغة العربية الفصحى «أهلاً وسهلاً بك أستاذ حسين». الأستاذ حسين المناعي الصحافي الإماراتي كان ونعم الأخ الكبير ونعم الصديق الطيّب، حيث إن جوده معي في ذات الفندق أضفى على ساعاتي الضحك والمرح والمتعة، وكان حريصاً أن يقدم لي كل صباح جبن الكيري ولبنة بينار والخبز الذي أحضره من بلاده، حيث إن مائدة البوفيه الصينية على الرغم من طولها وكثرة أصنافها إلا أنه لم يكن يعجبنا فيها أنا وزميلي المناعي إلا البيض المسلوق وبعض الفاكهة! أذكر أني ذات مرة قلت فجأة للصديق المناعي أني أود أن أشرب «شاي مخدّر» على الفحم! فما كان منه إلا أن طلب من المترجم أن يذهب بنا لأقرب مطعم يقدم ذلك الشاي، وسرعان ما كان ذلك الشاي المخدر على طاولتنا في مطعم ألف ليلة وليلة التركي، فشكراً بو علي عدد ما في قلبك من طيبة وحُب وسلام. وفي صباح 17 أغسطس في بكين عقد المؤتمر الصحافي المرتقب، برعاية وحضور حاكمة مقاطعة نينغشيا السيدة (ليو خو)، وحضور نائب وزير التجارة والصناعة، ونائب رئيس هيئة الاقتصاد ومجموعة من المسؤولين الصينيين. وكان لجامعة الدول العربية وبعض الدول الخليجية ممثلون شاركوا في المؤتمر ولاسيما عدد كثير من رجال الصحافة والإعلام من كافة الدول، وكان مؤتمراً ناجحاً بكل المقاييس، ومؤشراً جميلاً على نجاح معرض الصين والدول العربية المقبل بمشيئة الله. إن جمهورية الصين جمهورية عظيمة بخطواتها الرائدة الناجحة الحثيثة باتجاه التطور المستمر والنمو الواثق والتقدم الملحوظ، وهذه الميزات لا تحسنها إلا العقول الذكية والأيدي النشطة والقلوب المثابرة، ويكفي الواحد مِنا أن يدقق النظر في تاريخ الصين الاقتصادي الحديث ويمعن التدبر به، وسيجد أن هذه الجمهورية هي جمهورية سحر الدهشة! شكراً سيد عبد الرحمن، شكراً أخرى للأستاذتين سليمة وشيرين، لقــد كنــتــم فــي غــاية الكرم والأخوة معي. R007.net.gmail.com @alrawie