دخل لبنان اليوم نفقاً خطيراً إذ تفاقم وضع شارعه على وقع قضية النفايات التي أصبحت دلالة على عجز اللبنانيين وسياسييه عن تسيير أبسط متطلبات بلادهم فضلاً على حلحلة عقده بدءاً من اختيار رئيس للبلاد وصولاً إلى ترتيب البيت السياسي اللبناني. يذهب لبنان اليوم باتجاه تدهور أوضاعه على عدة مستويات، فلم يكن ينقص اللبناني اليوم إلا منعه من أن يجلس في بيته؛ بسبب الروائح التي طردت سكان بيروت من منازلهم، فهجروها إلى أماكن أخرى هنا وهناك. المواطن اللبناني سياسي اعتاد مشاكسات السياسة، وعناد فرقاء بلاده، وتناقضاتهم، وصراعاتهم، فكان جزءاً مهماً في هذا الحراك، فشارك في فعاليات فريقه السياسي، ولم يألُ جهداً في دعمه أو تعزيز موقفه، لكن ما حدث خلال الأيام الماضية في لبنان يكشف إلى أي مدى يقف السياسيون هناك على أرضية رخوة تصدعت بفعل الفساد والاستئثار والمحاصصة لتنذر بانهيار قد يدفع ثمنه كل لبنان. بالرغم من ذلك تقافز سياسيو لبنان من أجل استغلال هذا الموقف الشعبي، وتجيير الاحتجاجات لصالحهم في خطوة الهدف منها إسقاط فريق سياسي ضد آخر، وكأنه يقول هذا من فعل الحكومة وليس من فعل حزبي والعكس يحدث، وفي واقع الأمر فإن الكل قد سقط من عين الشعب اللبناني الذي يرى كيف ساء وضعه بشدة بفعل استغلاله واستقطابه. تنبأ الكثير من المراقبين والمتابعين لحال لبنان، ومآلات وقوفه الطويل أمام استحقاق الرئاسة، وسؤاله لكل يوم من أيام السنة التي مرت من سيسكن قصر بعلبك؟ وبين تلك التجاذبات وأمام هذا الاستحقاق الكبير ينسى الفرقاء أنهم عاجزون عن تلبية الحد الأدنى من متطلبات الشعب اللبناني. يخسر السياسيون في لبنان إرثهم وأتباعهم وثقة مواطنيهم؛ فلا يوجد اليوم أحدٌ برأينا يثق بهذه الطبقة السياسية التي لم تستطع السمو على متطلباتها الفئوية أو الحزبية إذ تناسوا أنهم يخدمون كل لبنان لا مقاطعاته ومناطقه وضواحيه. وازداد الأمر سوءاً باستدعاء المدد من الخارج لفض الاشتباك والضغط من هنا وهناك، لكن الأمر اليوم وإن حاول البعض تسييس الشارع إلا أن الشارع اليوم يرفض حذلقة السياسية.