بعد أن فشلوا في إحداث فوضى شعبية في البحرين مارس 2011م، ورفض الحكومة والقوى الوطنية هناك أي تدخلات خارجية أجنبية، لجأت القوى الداعمة للإرهاب إلى استهداف المؤسسة الأمنية البحرينية، بوصفها المدافع والمنافح عن سيادة المنامة، فالمتتبع للعمليات الإرهابية الأخيرة التي ضربت البحرين يجد أن المستهدف فيها هم رجال الأمن. تلك الأحداث يقابلها عمليات نوعية من وزارة الداخلية البحرينية التي تشير نتائج تحقيقاتها لتلك الأعمال الإرهابية بأن إيران ضالعة بشكل رئيسي في الإمداد اللوجيستي ودعم عملائها في الداخل البحريني من أجل استهداف منسوبي الجهاز الأمني الذين يقفون بالمرصاد للمخطط الإيراني في البحرين. ومنذ عملية درع الجزيرة عام 2011، تتخبط طهران في تصريحاتها وسياساتها تجاه المنطقة، وتزيد من حالة الارتياب منها أمام دول الخليج والإقليم، وتضع العراقيل أمام أي توجّه لفتح صفحة جديدة مع دول المنطقة، وارتفعت في الآونة الأخيرة العمليات التي استهدفت البحرين منذ عاصفة الحزم التي شنّها التحالف العربي بقيادة المملكة على القوى الانقلابية في اليمن المدعومة من إيران. تشكل البحرين ثقلاً استراتيجياً مهماً في المنطقة، ولطالما شكل موقعها الحيوي على الخليج العربي إغراءً للقوى الدولية دفعها إلى التحالف مع المنامة عسكرياً، فالأسطول الخامس الأميركي قد اتخذ مقراً له هناك، وفي أواخر العام الفائت وقعت المملكتان (البحرين وبريطانيا) اتفاقية بموجبها تنشئ الأخيرة قاعدة عسكرية من أجل مواجهة التهديدات التي تحيط بالمنطقة. وفي ظل هذا الوعي الدولي بأهمية البحرين الجيوستراتيجية، إلا أن التنديد بالتدخلات السافرة في الشأن الداخلي البحريني، واتخاذ إجراءات ضدها لاتزال خجولة، ولا تتناسب مع أهمية الحفاظ على استقرار البحرين كدولة شريك للولايات المتحدة «خارج حلف الناتو»، وعضو في مجلس التعاون الخليجي. إن من الضروري اليوم الإشارة إلا أن تعزيز أمن البحرين قد اكتسب أهمية متزايدة والتزاماً أكبر لاسيما عقب توقيع الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران، وتشديد بيان كامب ديفيد التاريخي على أمن الخليج.. لذا فإن استهداف رجال الأمن في البحرين أو محاولة التدخل في الشأن الداخلي أو التعدي على السيادة البحرينية من خلال التصريحات أو تسليط العملاء، دون أن يقابل ذلك رد فعل واضح من القوى الدولية الكبرى، من شأنه وضع علامات استفهام كبيرة على الموقف الدولي برمته تجاه هذه الأعمال التخريبية، ويجب أن يتناسب الرد مع المكانة والأهمية الإقليمية والدولية للبحرين، التي سيستمر دعم جيرانها من دول المجلس لها دون تردد أو تأخر، إذ يرون في التعدي على أمن المنامة تعدياً على باقي العواصم الخليجية.. صحيفة الرياض