2015-10-10 

الأرض «بتتألم» عربي

محمد اليامي

أسئلة السياسة غبية أحياناً، سياسة الأسئلة يجب أن تكون ذكية دائماً، أما الإجابات فليس في السياسة الكثير منها، بل المزيد من الأسئلة حتى يغرق السؤال الأول، تستقيم علامة الاستفهام أمامه فوق نقطها، تتحول إلى علامة تعجب، تتصل بنقطتها، ثم تسقط جانباً كخط مستقيم، يتفتت إلى نقاط متجاورة تعيد السؤال إليك بصيغة أخرى هي: املأ الفراغ الآتي! السؤال في عيني الصغيرة في السعودية أو مصر: لماذا يحدث هذا للصغار في سورية، مثلاً؟ وهي لا تدري إننا ظللنا لعقود نسأل ونحن صغار وحتى هرمنا: لماذا حدث ويحدث كل هذا للصغار في فلسطين؟ ما هي آخر المحطات في طريق العذاب العربي الطويل؟ كأننا في صحراء « تجريدية» يقوم آخر أو آخرون بغزو واحاتها كلما أمطرت وأينعت واخضر يباسها بعد أن عانت الحر والجفاف وندرة الماء، يمارسون علينا «التجريبية» في «سوريالية» تبدو عصية على الفهم، لكنها في الحقيقة ليست إلا «واقعية» نهرب منها دوماً، ويمارسونها من منطلق ما يعتقدون أنه مصلحتهم، وهي كذلك إذا نظرنا إلى اللوحة حال رسمها، وقبل وضع «الإطار» عليها، وتقديمها لأعين النقاد، وجدران العشاق أو المتباهين. يتجشأ سياسي ما غرباً وشرقاً تصريحاً أو سؤالاً بعد أن ملأ جعبته بجراحنا، فيتقيأ العربي من غثيانه وامتلاء روحه بالجراح نفسها، فلا ضير إذاً أن نكفر بالإنسانية العالمية، والأمم التي تزعم الاتحاد تحت مظلة منظمة واهية سخر مراهقو العالم من أمينها ومسؤوليها الذين يتقاضون أجورهم نظير «قلقهم»، وأن نكفر بالأنظمة التي لا تطبق إلا عندما تدعم توجهاتهم، وبالمناسبة: ما هي توجهاتهم؟ لو قرأت الصحف لأيام، واستمعت للأخبار والبرامج، وطالعت تغريداً هنا، ونباحاً هناك، واستعرضت جداراً إلكترونياً، ومررت بجدار عازل، وحاولت أن تبرر فبماذا ستخرج؟ غالباً أنت ستدلف إلى وعاء الأسئلة: ما هي علاقة «الأيدي» الفارسية، بالمخططات الإسرائيلية، أو الصهيونية كي يكون الوقع أكثر إحساساً بالمؤامرة، والتناقضات الغربية، أو الأميركية؟ حتى يصبح السؤال أكثر نضالية. ينكفئ «أحمد العربي» في داخلك حزيناً يتيماً، كانكفاء وجه الطفل السوري على مياه البحر ميتاً، ينفد مخزون الحزن والدموع، كما نفد من والد «محمد الدرة» عندما أبصرته ميتاً حياً أو حياً ميتاً وطفله يغتال بين يديه برصاص الإسرائيليين، ولم يره نصف العالم كما رأيته أنت، ولم يسأل نصف العالم بعض الأسئلة السياسية التي سألوها عن قتيل الهجرة والبحر وضعف الحيلة! لم نعرف «فن الممكن» كما يعرفه المتمكنون من فن الأسئلة، وفنون عدم الإجابة، ضل معظمنا الطريق إلى حيث الينابيع الأولى لأنهار الدم والتشرد والتشرذم، ضل وما فتئ يبحث عن تاريخ يعيد نفسه ولا يعيدنا، ولو رجعنا إلى مربعاتنا الأولى من طلب التوحد، وحدث أن حصل، فهل نوجه حرابنا إلى الإسرائيليين، أم إلى الفرس، أم إلى المؤامرات الغربية، أم إلى الكيانات المشوهة المخزية التي أسهموا في صنعها، وربما أسهم بعضنا «العربي» في ذلك. صحيفة الحياة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه