2015-10-10 

الرياض وواشنطن... قمة لـ «المصارحة»

علي القاسمي

القمم تسحب الأنظار دوماً، وإن كانت كل قمة تختلف عن أختها بالمطالعة للأقطاب والملفات والتوقيت والحضور السياسي لمن يوجد على طاولتها، قمة ما قبل الأمس، القمة السعودية - الأميركية من أمهات الوزن الثقيل، ولا تأتي إلا حين تكون الملفات مبعثرة وغير محسومة النهايات أو تكون الخواطر بمنأى عن دائرة التلاقي، ومن المعروف أن القمة الأخيرة أتت في وقت تكون فيه منطقة الشرق الأوسط ممتلئة بالأزمات، وقد لا يكون لها عهد بهذا التنوع في الأزمات والفوضى الزائدة عن الحد والمتجهة بدول المنطقة إلى نفق مظلم إن لم يكن هناك أكثر من نفق، وشعوب العالم لا تتعطش وتفتش إلا عن المزيد من السلام والأمان ولا حاجة لأوجاع جديدة تنمو على ويلات الحروب والفتن. جل المتابعين للمشهد السياسي يدركون أن العلاقة بين الرياض وواشنطن لم تكن في أفضل حالاتها خلال الفترة الماضية، ولعل تراكم القضايا وتباين الرؤى حيالها ذو دور طبيعي بأن تكون العلاقة في درجات أقل من المأمول والمنتظر، الزيارة السعودية الأولى منذ تولي الملك سلمان الحكم زيارة مصارحة بالمقام الأول وترتيب لملفات ساخنة، لم يعد يدري المتابعون أيهم يجب أن يكون أولاً، وإن كانت برأيي على خط اهتمام واحد شريطة أن يمضي الحل لكل ملف منها على انفراد، فكل منها يعبث بنا لحد رهيب ويمضي في إنشاء مزيد من السموم والمخاطر في المنطقة، فمن نووي إيران لإرهاب «داعش» والنزف المستمر في سورية إلى الاضطراب المستمر في اليمن. العلاقات المتينة المشتركة والقديمة ما بين البلدين لا يليق بها إلا الرصيد العالي من التماسك والاتفاق وقراءة متقاربة للمصالح واحترام صريح للإرادات، فالرياض لا تريد إلا تعزيز الشراكة الاستراتيجية، وإرساء السلام هو الهدف الأسمى من جملة المباحثات والمشاورات والهبوط والصعود في تقييم حال الرضا بين الطرفين، ولا يمكن لها أن تصمت على ما يحاط بها من مؤامرات ودسائس، وما يحاك لمنطقة ودولها من دون أن يكون ثمة موقف صريح وعنيف لوقف كل هذه الألعاب التي يجب أن تكون طارئة، ويعرى كل من يقف وراءها، بل وتقطع كل مشاريع التوسع التي تجري وراء كل هذه المؤامرات. أما واشنطن وهي القارئ الدقيق لكل ملفات المنطقة فتعرف ولو لم تفصح بشجاعة أن هناك طرفاً ثابتاً في كل أزمات المنطقة وله اليد الطولى في أي حريق يشب، ولتدقق في «العراق ولبنان وسورية واليمن» وليس من مصلحتها ولا مصلحة الحلفاء الدائمين أن يواصل الطرف الثابت هذا الغرور وتستمر هذه الأزمات، لأن تبعاتها مستنزفة ومنهكة وداعمة لدمار أكبر واحتقان ضار وعاصف، تلزمها من أجل ذلك ولأجل مزيد من الثقة في نواياها إعادة صياغة لاستراتيجياتها ورسم نقي للأولويات، وأن تؤمن بأن الرياض ترى عن قرب وتلمس جيداً ما لا تراه واشنطن وتلمسه عن بعد. مخطط إعادة إصلاح العلاقات السعودية - الأميركية لن يستقيم على الواقع حتى تتساوى القناعات في ما هو مطروح على الورق، ويكون الانطلاق للحلول متكئاً على شفافية ومصارحة وندية ورغبة في إطفاء المشتعل من هذه الأزمات وسيراً بالتوازي لوضع حد حيال أي مهدد ظاهر أو مستتر، وفض أي نزاع حالي أو محتمل وما يضم ذلك من لوازم ضرورية لقص رؤوس الأفاعي وإعطاب الذيول الراقصة هنا وهناك.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه