الحياة - تتصدر مكافحة الإرهاب قائمة المهمات المشتركة بين الرياض وواشنطن، والتحدي الذي يحضر مع هذه المكافحة تحدٍ مشترك لا يقبل أنصاف الحلول أو خلطاً للملفات المتناثرة هنا وهناك، في ظل أن الإرهاب مأساة من الوزن الثقيل، وأن آثار المكافحة وما يصاحبها من تحدٍ ستنعكس قطعاً على النتيجة المنتظرة وما تسفر عنه من تصفية للراغبين في أن يكون السلام والتعايش والحياة السوية محطات منزوعة من أي خريطة وجغرافيا ممكنة.
الموقف الخليجي العام والموحد أخيراً والحامل علناً وبشفافية لهذا الهم، يعطي تفاؤلاً أكثر وتقدماً في الخطى، ويشير إلى رغبة قوية في بذل أقصى الإمكانات لمنع العبث بالمساحات والعقول وتغيير ترتيب الأوراق السياسية على الطاولات السياسية الحادة والمائلة أحياناً.
لكن الرياض تقف على هرم العمل والأمل بحكم الريادة والقيادة والمكانة المرموقة على صعيد العالم، وهي حققت نجاحاً باهراً في مواجهة الإرهاب على الصعيد العملي مما يضعها دوماً في عين الاهتمام، وتأخذ تحركاتها وخطواتها ورضاها وغضبها جدلاً وتوقعات حساسة جداً.
ولأن الرياض تنظر إلى ما يحيط بها من مشكلات وتحديات برؤية واضحة مكتملة الأوجه، تأتي الحاجة إلى مصافحة دافئة وواجبة تفرضها عين العقل أولاً وتوحد الأهداف والاتفاق على المهددات والمخاطر. ولعل من المبهج أن تمضي الرياض برفقة واشنطن نحو تأسيس مجلس خليجي - أميركي لمكافحة الإرهاب ستكون أولى نشاطاته حاضرة مع الزيارة التي ينوي القيام بها السيد باراك أوباما في 21 نيسان (أبريل) المقبل. هذا المجلس تُعلق عليه الآمال ويظل محملاً بطابع من العلاقات المتجددة والطامحة لجملة من الأعمال المشتركة التي تصب في مصلحة المنطقة، لا سيما أن دول الخليج ذات رأي معلن ومشترك في عدد من القضايا، وعبرت نحو إجراءات بالغة الوضوح في شــأن التنظيمات الإرهابية، وأشارت بدقة في ثنايا التعبير المعلن إلى القوى التي تحاول العبث بأمن بعض الدول وتتدخل في خصوصيات الآخرين، كطهران. ولم يعد الوقت مسعفاً للصبر أو التجاهل في ظل أنه لم يعد هناك أي أمل لتفاهم مع العابث الدائم ووقف سلوكياته المستفزة المخلة.
ما يجب أن نقوله أن العلاقات السعودية الأميركية ذات المشوار الطويل لا تستحق أن تسير إلا لما يخدم المصالح العليا للدولتين الصديقتين. ومشاريع العمل الكبرى لا نجاح لها ما لم تكن المرتكزات التي تنطلق من خلالها عصية على التراخي والضعف. والتقارب الذي تتطلبه الظروف الحالية من شأنه أن يقدم كثيراً من الحلول ويقلص من حجم التحديات التي تتمدد على المشهد السياسي وتلعب بكثير من أوراقه.
ولعل الاتصال الهاتفي الذي دار بين ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يمنح شيئاً من الدفء لكثير من المشاعر التي شابها عارض من البرد في فترة مضت. هذه المهاتفة تعطي في الإطار العام ما يمكن اعتباره تصحيحاً لجمل متناثرة حملت في باطنها لبساً في التحليل والتفكيك، لكن، بإمكان الرياض أن تضعها جانباً، مُغلّبة التسامح وتأجيل الهوامش في حضرة النص الأصلي، وذاك يحدث فقط متى كانت ثمة رغبات جادة من الصديق القديم نحو عمل واضح وأمن وسلام دائمين.