نشاهد في حياتنا الكثير من الأطفال من مختلف الأعمار، من الرضيع إلى الغلام، وقد نستهين بأعمارهم وهيئاتهم، لكننا لا ندري على يد مَنْ مِنْ هؤلاء قد يكون تغيير الأحداث أو التاريخ. ففرعون رأى في المنام أن طفلا من بني إسرائيل يهدد ملكه، فأمر بقتل كل طفل ذكر يولد من بني إسرائيل، ويشاء الله تعالى أن يتربّى الطفل الذي سيهدد ملكه في قصر فرعون نفسه، وهو سيدنا موسى عليه السلام. تُقبِل «مريم» عليها السلام على قومها وهي تحمل طفلاً - حديث الولادة - بين يديها، وتثار حولها الشكوك، لينطق الطفل «إني عبدالله» وليكون نبياً لبني إسرائيل يخرجهم من الظلمات إلى النور. يتآمر أهل الباطل على رجل عابد من بني إسرائيل يقال له «جُريج» ويرسلون إليه امرأة فاتنة الجمال لتغريه للوقوع في الزنا، فيرفض ويستعفف، فأتت راعي غنم فمكنته من نفسها وحملت منه، ثم نسبت الطفل إلى «جُريج» فقاموا بهدم صومعته التي كان يتعبد فيها، وقاموا بضربه، فطلب مشاهدة الطفل، فلما أحضروه طعن في بطن الصبي وقال: من أبوك؟، فقال: فلان الراعي، فأقبل الناس على «جريج» يقبّلونه ويتمسحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب. قصة أصحاب الأخدود، كان بطلها غلاماً صغيراً وردت تفاصيل القصة في حديث صحيح، وبدايتها أن ساحراً كان يخدم عند أحد الملوك ممن ادعى الألوهية، فطلب منه بعد أن كبر سنه أن يحضر طفلاً ليعلمه فنون السحر، إلا أن إرادة الله شاءت بأن يمر الغلام -وهو في الطريق إلى الساحر- براهب فتعلم منه توحيد الله، حتى قوي الإيمان في قلبه، فاكتشف الملك الحقيقة وأراد التخلص من الغلام بقتله بطرق عدة، ولم تفلح، إلا عندما طلب منه الغلام أن يأخذ سهماً من كنانته ويرميه بعد أن يقول «باسم الله رب الغلام»، وهو ما حصل بالفعل فمات الغلام، لكن الناس قالوا: «آمنّا برب الغلام» فوقع ما كان يحذره الملك. من يسافر إلى بلجيكا ويزور عاصمتها «بروكسل» فلا بد من أن يلفت انتباهه تمثال «منيكين بيس» المشهور، والمنحوت عام 1641، وهو تمثال لطفل صغير عارٍ يتبوّل. وللتمثال روايات عدة من أشهرها أن أعداء للمدينة كانوا يريدون تفجيرها بعبوات ناسفة متصلة بفتيل مشتعل، إلا أن الطفل قام بالتبول على ذلك الشريط فأنقذ المدينة وأهلها، وأصبح بعد ذلك بطلاً قومياً. وأما آخر طفل هز مشاعر العالم، فهو الطفل السوري «آيلان» والذي هزت العالم صورته وهو غريق على أحد شواطىء تركيا. هذه الصورة، أصبحت حديث الساعة، وملأت الصفحات الأولى للكثير من الصحف العالمية، وجعلت رسامي الكاريكاتير يبدعون في رسوماتهم المعبرة للسخرية من الأمم المتحدة والجامعة العربية التي لم تتحرك لحماية هؤلاء الأطفال وعائلاتهم من بطش النظام السوري، كما هيجت الصورة مشاعر الأدباء والشعراء فنظموا القصائد، ومنها القصيدة التي كتبها الشاعر د. عبدالرحمن العشماوي والتي يقول في مطلعها: يا بحر لا تغرق الطفل الذي هربا وارحم أخاه وأمّا تشتكي وأبا الصورة التي دفعت رئيس تركيا أردوغان للاتصال مباشرة بوالد الطفل الغريق ليعزيه قائلا: «ليتكم لم تبحروا.. وكنتم ضيوفنا». صورة الطفل الغريق هي التي حركت الشعوب الغربية للضغط على حكوماتهم من أجل تسهيل هجرة اللاجئين السوريين إلى أوروبا، وتوفير العيش الكريم لهم. لقد غير غرق الطفل سياسة بعض الدول الأوروبية لمزيد من التعاطف مع المهاجرين، وليصف أحد المسؤولين الأوروبيين من يتشدد في الإجراءات بأن عليه أن يشعر بالعار والخزي. ولكن السؤال هو: هل حركت الصورة شيئاً من المشاعر لدى كثير من الحكومات العربية؟، جاء في الحديث الصحيح: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم». فهل تخفى مأساة الشعب السوري الشقيق على أحد؟