مؤتمر «الإسلام ومكافحة الإرهاب» وبحشد هائل من علماء وشيوخ وعناصر قيادية في الشأن الإسلامي يذهب بنا إلى أن الإرهاب نزعة شاذة، وحلقة من تطويق هذا العالم المسالم في حفنة ممن تخطوا الأعراف والأخلاق في انتهاج الجريمة مبدأً بغطاء ديني، وفرت له دول ومنظمات وقوى مختلفة بيئة عمل وانتشار ودعم، ولذلك فهذا الاجتماع، هو إدانة علنية وصريحة لكل ما يضاد قيمة الإنسان وهدفه في الحياة، وحتى اختيار المكان في مكة المكرمة له دلالاته المهمة والكبيرة.. كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز التي ألقاها سمو أمير مكة المكرمة خالد الفيصل وضعت لائحة شاملة لدور المملكة في الحرب على الإرهاب داخلياً وخارجياً، حين وضعت إمكاناتها في إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب، وآخر لحوار الحضارات والأديان والمذاهب وأتباعهما، وفي هذه الأوضاع الحساسة والخطيرة، لا حياد أمام فعل يهدد الكيان الإسلامي والعالم كله، وبدون تضافر جهود تخرج من التسويف وازدواجية المواقف من قبل دول خارجية، فإن هذه الحرب التي تتسم بالكونية لا يمكن وقفها بأن تترك المسؤولية على أطراف دون أخرى، في وقت نجد أن الشكوك المحيطة في منابت الإرهاب وجذوره ليست حالة طارئة خُلقت من ظرف ما، وإنما هي خطط ودراسات وتحولات سياسية وضعت أهدافها ضمن سياق تفجير المنطقة كلها، وقد طرحت المملكة مشاريع دعمتها مادياً واستراتيجياً من أجل فك الارتباط بين تلك التنظيمات، فيما هناك أكثر من مليار مسلم بعيدون تماماً عن طبيعة الجريمة ومن صنع أهدافها.. التجمع الكبير في هذا المؤتمر ومن نخب قضائية وفكرية ورموز علمية ودينية، مطالب بأن يكون له ثقل ليس فقط في فك عقدة الإرهاب، وإنما بتقديم حلول كبيرة لإسلام وسطي لا تُترك فيه الاجتهادات الخاطئة في الفتوى، ونشر علم الجريمة بغطاء ديني أو أي مبرر يهدف إلى غرس الكراهية ونشرها، والمسؤولية هنا لا تقف على دولة وأخرى وإنما على العالم الإسلامي بأسره حكومات وشعوباً وقوى مؤثرة، لأننا نخوض معركة وجود أدت إلى جعل الإسلام معادلاً للجريمة، وتبني مسيرة التخلف في إعاقة الحضارات الإنسانية، بينما هو في الواقع من أسهم ورعى الحضارات وحقوق الشعوب والأديان السماوية وغيرها.. العالم ينتظر منا نجاحاً في خطواتنا، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وضع في كلمته ما يعد أُسساً لحوارات تضع خرائط المسارات القادمة، طالما بلاده تعتبر العمق والأساس في شرف وجود الحرمين الشريفين على أرض بلاده، أو الاتجاهات التي تبنتها في خلق فضاء تعايش إنساني لا تطغى فيه الحروب والفصل العنصري وإهدار حقوق الإنسان، ولهذا السبب يأتي المؤتمر في ظرف لا يقبل التجاهل لمجريات الأحداث في عالمنا الكبير، ولدينا الإمكانات البشرية والفكرية، والمادية في وضع حد لمن وضعوا أنفسهم معادلاً لإسلام ومذاهب اخترعوها، واتخذوا أساليب المخادعة وغسل الأدمغة وإرهاب الشعوب بالقتل والحرق ومصادرة الرأي بما هو خارج الدين والعقيدة.. المناسبة كبيرة والأهداف عليا، والمرحلة من الدقة، ما تضعنا جميعاً أمام مخاطر وأفعال لابد أن تأتي مكافحتها بمختلف الوسائل المتاحة طالما هي حرب عقول نملكها ويمكن استثمارها في ضرب تلك القواعد واجتثاثها.. *نقلا عن جريدة "الرياض"