2015-10-10 

متى يعلنون وفاة «القاعدة»؟

سمير السعداوي

كادت ذكرى 11 أيلول أن تمر من دون «تسجيل حضور» لتنظيم «القاعدة»، لولا ان احداً ما في مكان ما، تنبه للأمر وسحب من أرشيف مؤسسة «السحاب» التابعة للتنظيم شريطاً مسجلاً لزعيمه ايمن الظواهري، وبثه على الانترنت ولو متأخراً بيومين عن موعد الذكرى الـ14 للهجمات في نيويورك وواشنطن. وكان في الإمكان أخذ ما قاله زعيم «القاعدة» على محمل الجد لجهة دعوة «شباب المسلمين» الى نقل «الهجمات لعقر دار الغرب الصليبي وعلى رأسه اميركا»، لولا ما فهم من كلام الظواهري بأن زعيم حركة «طالبان» ما زال حياً، ما يعني ان الشريط سجل قبل إعلان الاستخبارات الافغانية في 30 تموز (يوليو) الماضي ان الملا عمر متوفٍ منذ سنتين وتأكيد «طالبان» لاحقاً ان نبأ الوفاة ظل سراً مكتوماً طيلة تلك الفترة. وفي اسوأ الاحوال، قد يكون الشريط سجل حتى قبل وفاة الملا عمر، ما يعني ان تاريخه يعود الى أكثر من سنتين. وهذا بدوره يثير تساؤلات حول مصير الظواهري نفسه، وايضاً حول التدهور المطرد في قدرات «القاعدة» منذ تصفية مؤسسها أسامة بن لادن في أيار (مايو) 2011، ذلك ان دعوة الظواهري «شباب المسلمين» الى المبادرة بشن هجمات فردية، تنم عن انعدام الحيلة في تدبير عمليات منظمة ضد أهداف في الغرب. وقد يكون العجز مردّه حال الاستنفار القصوى للاجهزة الأمنية الغربية، وإن كان المرجح ان التنظيم بات يفتقد عناصر مدربة قادرة على الوصول إلى أهداف ذات قيمة، مع ملاحقة الطائرات الأميركية من دون طيار عناصر «القاعدة» في مخابئها، وأيضاً مع نجاح تنظيم «داعش» في استقطاب عدد لا بأس به من المتشددين بعد عرض كل انواع المغريات عليهم. واذا كانت الضربات الجوية هي السياسة المعلنة للرئيس باراك اوباما في التعاطي مع «القاعدة»، فمما لا شك فيه أن ظهور «داعش» كان العامل الأهم في سحب البساط من تحت أقدام الظواهري الذي لم يخف امتعاضه من تنظيم «الدولة» بوصفها «امارة استيلاء بلا شورى ليس لزاماً على المسلمين مبايعتها» وتشديده على انه «لا يرى أبا بكر البغدادي اهلاً للخلافة». وبتحريضه شباب المسلمين في الغرب على الاقتداء بالأخوين الشيشانيين الذين فجرا قنابل في بوسطن الأميركية قبل أكثر من سنة، بدا الظواهري وكأنه يتبنى هذا الهجوم، وايضاً الاعتداء على مجلة «تشارلي ايبدو» في باريس العام الماضي، لكنه تبنٍ ينمّ عن محاولة تحويل «القاعدة» الى مظلة او مرجعية، من دون ان تكون قادرة على اختيار الأهداف والتخطيط لضربها. غير انه في مناخ منافسة قاسية ووحشية فرضها «داعش» على التنظيمات المتشددة، بات تراجع «القاعدة» ينبئ باتجاهها الى الاضمحلال، تماماً كما حصل حين فرضت «طالبان» نفسها في المعادلة الافغانية بديلاً من احزاب المجاهدين اثر صراعهم الدموي على ابواب كابول «المحررة» عام 1992. قلما شهد العالم تنافساً على تبني عمليات ارهابية، وحتى «المنظمات الثورية» التي ترعرعت في ظل الاسقطاب العالمي إبان الحرب الباردة، كانت تحرص على إرفاق تبنيها لهجمات، ببيانات استباقية او اشرطة مسجلة تحدد اهدافاً ومطالب في اطار برنامج واضح المعالم بغض النظر عن أحقيته او مشروعيته. وبخلاف ذلك، فإن دعوة عامة الناس الى شن اعتداءت، لمجرد اثبات وجود هذا التنظيم او ذاك وتأكيد مرجعيته، لا تشكل سوى تحريض عبثي على ارتكابات تؤذي المسلمين أكثر مما تنفعهم.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه