تتداول وسائل الإعلام معلومات كثيرة عن فتايات لاسيما من أروربا يفضلن الهجرة والانضمام لتنظيم داعش عن بقائهن مرفهات في بلادهن ويثير هذا الكثير من التساؤلات عن وسائل التنظيم في جذب الفتيات. إذا كان تنظيم (داعش) يجتذب الرجال بالسيارات الفارهة والزواج من أربع نساء، كما قال العائد من سوريا إبراهيم.ب، فكيف يجتذب التنظيم من يطلق عليهن "عرائس الجهاد"؟. من الصعب الاعتقاد بأنه حتى أكثر المسلمات تطرفًا، يذهبن إلى داعش بسبب رجال عجزوا عن شراء سيارة في بلادهم أو يرغبون في زوجة رابعة. وبحسب دويتش فليه يكشف منشور لكتيبة الخنساء النسائية أنّ خطة جذب نساء لم يحصلن على تعليم جيد وتعدهن بدور في المجتمع يتمثل بالأطفال والمطبخ والدين، وإذا وضعنا في الاعتبار الوثيقة الصادرة من داعش نفسها مطلع العام لجذب شابات، فسنجد أنه لا مكان للإغراء بسلع استهلاكية أو بمنتجات ترفيهية، لكن العكس تمامًا هو الصحيح إذ يحاول التنظيم جذب النساء من خلال فكرة العودة للدور التقليدي للمرأة وشرف فكرة كون المرأة ربة بيت وأم. يقدم كتاب "المرأة في الدولة الإسلامية" وهو بمثابة دليلل كتيبة الخنساء داخل "داعش"، نشرته دار "هيردر" للنشر باللغة الألمانية نظرة عن كثب على الطريقة التي يحاول بها تنظيم داعش اجتذاب النساء الشابات بالإضافة إلى تصورات التنظيم والمجموعات المستهدفة للتجنيد، ومن خلال صفحات الكتاب الخمسين والتعليقات الملائمة من الناشرة حميدة محققي. ولا يحتاج النص لمجهود في الفهم فهو لا يتعلق بالدخول في الإسلام ولكنه موجه للمسلمات في محاولة لجذبهن لصفوف "داعش" الذي يزعم أنه يقدم للمسلمات حقوقهن التي كفلها الإسلام ويؤكد أن المرأة داخل صفوفه لا يجب أن تخشى القمع طالما تؤدي واجباتها. ولا تختلف صورة المرأة بالنسبة لـ"داعش" كثيرا عن الصورة التي سادت حتى مطلع القرن العشرين في مجتمعات محافظة في الغرب. يجري بالطبع تجميل شكل الحياة في المناطق التي يسيطر عليها داعش، فلا حديث هنا عن وحشية التنظيم ضد الخارجين عنه أو ضد غير المسلمين ولا ضد الرافضين الانصياع لأوامره. ويتطرق الكتاب إلى الوعود بدورات تعليمة ودينية وخاصة بإدارة البيت والكتابة والحساب، نوعية النساء المستهدفات من مثل هذا المنشور وهن النساء المحرومات من أي نوع من التعليم العالي واللاتي لم يتمكنّ من الحصول على وظائف مهمة، يتعلق الأمر هنا ببرنامج للمسلمات الشابات المنحدرات من الطبقة الدنيا سواء في العالم العربي أو بين صفوف الفئات المهاجرة المهمشة في الغرب. ويحاول التنظيم المتشدد أن يحظى بالرواج بين النساء العربيات من خلال تسليط الضوء على أوضاعهن الاجتماعية الصعبة وأزمة الهوية وزيادة الأعباء على عاتق المسلمات في الطبقات المتدنية وتقديم الوعود بحل هذه الأمور على طريقته. وتتجسد سخرية الموقف في أنه بفضل مؤسسة كويليام، فقد وصلت وعود "داعش" هذه لنساء مسلمات يعانين من مشكلات مشابهة في الغرب، ولم تكن لديهن فكرة عنها حتى الآن بسبب عدم إجادتهن للعربية. الأسوأ من هذا أن المسلمات في الغرب يمكن أن يعتقدن أن عليهن أن ينأين بأنفسهن عن الصورة البدائية للمرأة التي يقدمها "داعش" والتي تعطي أفضل حجج لمنتقدي الإسلام. ويشعر القارئ من خلال كلمة الناشرة الألمانية المفصلة التي تذيل الكتاب، بالحاجة الملحة لوضع خط فاصل.