لم يخطر ببالي وانا اتمشى على جسر شالز الشهير وهو يمتد على نهر الڤلتاڤا الساحر وسط جموع البشر والسائحين والفنانين وبعض المتسولين اني سأقع على كنز جديد أضيفه لخزينة جواهري الثمنية .. نعم كسائحة خليجية لا يفوتني التبضع بأسواق أوربا الشهيرة وكغيري من نساء العرب يسيل لعابي كلما لاحت أمامي تلك القطع الجميلة سواء كانت من الملابس ومكملاتها وصولا للأثاث وبعض اكسسوارات المنزل ..فنحن كعرب نقدر الجمال في الصنعه والدقة في التفاصيل ، لا أدري لعلي بذلك اختزل مشاعر السعاده وأقبض تلك اللحظات لأستودعها ببعض الصور أو اللوحات وربما بعض المشتريات .. وكلما راودني الحنين لتلك المدن ، أجدني استحضر شغف الاكتشاف والرحلة بتلك القطع ... أعترف لكم ليس الاهتمام الحسي هو أكثر ما يجذبني لتلك المدن رغم روعة أوربا العتيقة وجمال مدنها وطبيعتها الأخاذة ، بل هو دائماً ذلك المستور وذاك الإرث الفكري ومنظومة العادات و التقاليد والاساطير التى تشكل اهم العوامل التى ترسم السلوك العام وملامح الشخصية الأوربية ... لابد أنكم تنتظرون موضوع الكنز ؟؟! حسنا ،، لقد زرت الجوهرة التشيكية ثمان مرات وكل مرة أعثر على حكمة أو فكرة شديدة الثراء يزودني بها قلبها النابض براغ .. وكل مرة تفاجئني بالجديد ،أجدها فقط عندما أراقب واسأل .. حينها تكشف الإجابات لي عن نفسها مجموعة المتسولين على جانبي الجسر باشكالهم البوهيمية التي لا تخطئها العين هم ذاتهم منذ سنوات لا أحد يضايقهم أو بالأحرى لا تأتي الشرطه لتزيحهم من أهم معلم سياحي بالبلد .. تسآلت لماذا ؟!! أتتني الإجابة بتلك الأسطورة التشيكية القديمة التى تحذر من اللعنة التي ستحل بك عندما تسيئ لهؤلاء الدراويش .. فمنذ مئات السنين وحسب الأسطورة كانت سيده ثرية جدا وتملك عدة متاجر المدينة ولكنها سيئة الخلق جدا.. عند مرورها بذات الجسر اسائت لشحاذة غجرية عجوز وأهانتها ، وما كان من تلك العجوز انها صرخت خلف عربة السيدة .." تذكرى انك وبعد عام واحد ستجلسين هنا على هذا الجسر وانت لا تملكين ثمن قطعة الخبز " فما كان من الثرية المتجبرة الا أنها أوقفت العربة وترجلت منها ،، نظرت للنهر ثم سحبت خاتمها الثمين وألقت به بنهر الڤلتافا ، ثم نظرت للسيدة بإزدراء و قالت " هناك من يولد بحظ وسيم وهناك من يولد بسوء حظ !! أنا واثقة من جمال حظي كثقتي أن هذا الخاتم الذي استقر بقاع النهر لن يعود لإصبعي مرة أخرى " !!! تقول الأسطورة .. أن السيدة الثرية أقامت حفلة لنبلاء المدينة وعند البدء بوليمة الطعام بدأت بتقطيع سمكتها لتصطدم بقطعه قاسية، صرخت لتوبخ الخدم والطباخ فهم لم ينظفوا السمكة جيدا .. وإذا بتلك القطعة الصلبة هي خاتمها التي ألقته منذ شهر تقريبا بنهر الڤلتاڤا .. نعم قالت لن يعود ولقد وجد الخاتم طريقه لأن يعود وكذلك حظها بدأ يتشوه بعد سلسلة من الإخفاقات بالتجارة ومغامرات مالية أدت لإفلاسها تماماً ليحول عام واحد فقط فتجلس لتشحذ على الجسر العتيق وهي لا تملك ثمن الخبز !!! إذن هكذا ؟ هي فكرة اللعنة بالأسطورة هو ما اختزل و نقح فكرة الإحسان للضعفاء وعدم ايذائهم ! جميل جدا ان تترسخ قيم فاضلة عبر فلكلور شعبي وقصص متوارثة ، اعزز تلك القصة بكلمات الجليل القدير وهي تلوح بمسامعي بقصة صاحب الجنتين "قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدً " ولكنها أُبيدت عن بكرة أبيها بقوله تعالى " فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا "صدق ربي
مقال جميل دكتورة وايد يعطيج العافية ، وعلى قولتنا الحوبة ما تروح مكان ، ما بالك بالظلام
مقال جميل دكتورة وايد يعطيج العافية ، وعلى قولتنا الحوبة ما تروح مكان ، ما بالك بالظلام
لقد اخذينا معك إلى حيث المكان و الزمان الذي وقعت فيه الأسطورة لنشم رائحة السمكة التي ابتلعت الخاتم و نجلس على الطريق بجانب الدرويشه صاحبة اللعنة الأسطورية .. و الأعظم انك ربيت أنفسنا لدرجة عدم تمنينا ان نكون ذات يوم مكان صاحبة الثراء.. لك الشكر مسبوقا و في الختام و في انتظار المزيد من القصص التي ترتقي بفكرنا العربي المدمر
مقال جميل جدا دكتورة، ومرسوم(مكتوب) بشكل سلس وجميل ومشوق.. الى الامام فأنا من معجبيك