2015-10-10 

المأساة تحت خلافة داعش كما يراها عراقيون

DW

يمكن التعرف على مأساة ما يحدث في العراق مثلا من خلال مشهد في تاكسي جماعي من مدينة أبريل باتجاه كركوك والاستماع إلى أحاديث الركاب فيه. داخل التاكسي الذي ركبته الصحفية الألمانية بيرجيت سفنسن ، جلس مروان في المقعد الأمامي إلى جانب السائق وكان عليه أن يدفع ما يوازي أربعة يورو والنصف ليحصل على هذا المكان المتميز. وهناك أيضا يوسف الذي اتسمت حركاته بالعصبية، حيث كان يحول نظراته سريعا من اليمين إلى اليسار. وهناك في التاكسي أيضا أحمد، الرجل العجوز، الذي كان يستيقظ بين الحين والآخر خلال الرحلة، كلما انزلق حفيده من حجره. حوالي 80 كيلومترا تفصل مدينة أربيل، التابعة لكردستان العراق، عن مدينة كركوك النفطية، التي كانت تحت سيطرة حكومة بغداد حتى شهر يونيو/ حزيران الماضي. وقبل أن تسقط مساحات شاسعة من شمال العراق في يد تنظيم "داعش" قامت قوات البشمركة الكردية بتأمين مدينة كركوك، فكانت أسرع من التنظيم الإرهابي. تواجد "داعش"بدون مقاومة لا يستطيع مروان تحمل الأمر. فهو يعيش في مدينة الموصل وقرر البقاء في بيته وفي مدينته بالرغم من ارتفاع مستوى تواجد مقاتلي تنظيم "داعش". ويحكي قائلا: "في البداية ظننا أنهم سينصرفون بعد ان تمكنوا من إخراج القائمين على المدينة ". فمن كان يتولى إدارة المدينة هم أشخاص معروفون من طرف السكان، وهم الذين أداروا شؤون المدينة في عهد صدام حسين. ولذلك لم تكن هناك أية مقاومة. مروان نفسه، تمكن من استعادة وظيفته في الإدارة المحلية للمدينة. "ظننا أن كل شيء عاد، كما كان ذلك سابقا". مروان لايعرف أيضا من أين تأتي مرتبات الموظفين، غير أن الأهم في الأمر بالنسبة له هو أن المرتب عاد يصرف في موعده. مثل هذا الوضع تغير بعد سقوط نظام صدام حسين. فقد نشأت صراعات بين السياسيين المحليين وعلى مستوى المحافظة وكذلك مع حكومة بغداد، مما أثر سلبيا على تطور مدينة الموصل. كما ازداد الفساد. كلها أمور أثرت بداية في موقف سكان المدينة على تواجد تنظيم "داعش". الموصل، هي ثالث أكبر مدينة في العراق، ويصل عدد سكانها إلى مليوني نسمة وهي من أوائل المدن التي سقطت في يد تنظيم "داعش" الإرهابي. وتلا ذلك سقوط مدينة تكريت ومدن صغيرة أخرى في محافظات صلاح الدين ودجلة ومحافظة الأنبار. منع المواد الغذائية المعلبة أكثر من 8 ملايين شخص أصبحوا تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا. ويمكن القول إن داعش يسيطر على منطقة تمتد من غرب العراق وحتى شرق سوريا، ما يمثل مساحة توازي مساحة بريطانيا. وبذلك تكون "خلافة تنظيم داعش" تغطى مساحة تصل إلى 230 ألف كيلومتر مربع. ومن لم ينجح في الهروب من المنطقة يقع سريعا في يد التنظيم. مروان هو واحد من الذين عانوا من سيطرة تنظيم "داعش" الذي منع الموسيقى عدا الأغاني الإسلامية ، كما حظر تداول الكحول وتم الفصل بين الجنسين وفرض ارتداء النقاب على الفتيات والنساء. ووصل الأمر إلى قيام التنظيم بمنع المعلبات بسبب "مخالفتها الشريعة". إن ذلك أثار حفيظة مروان، الذي يبلغ من العمر 46 عاما: "هذه لم تعد حياة ". ولذلك قرر الخروج من مدينة الموصل. المسيحيون أول من يتم تهجيرهم يوسف أيضا قرر مغادرة الموصل، بعد أن تمكن من إخراج أوراقه ومستنداته من منزله. وهو يستطيع الآن إثبات وضعه للسلطات كنازح داخل البلاد ، مثل مليوني شخص نزحوا داخل المنطقة. "حاليا يعيش في المنزل أعضاء من داعش"، يقول يوسف الذي عرف ذلك من الجيران. كان المسيحيون اول من تم تهجيرهم من مدينة الموصل. لقد استولى "داعش" على كل ممتلكاتهم. عبر مكبرات الصوت تمت دعوتهم للدخول إلى الإسلام أو دفع ما يعرف بالجزية وإلا عليهم مغادرة المدينة. وفعلا قرر أغلبهم الخروج من الموصل. ويضيف يوسف الكلداني البالغ من العمر 52 عاما إنه لم يعد هناك مسيحيون وتلا ذلك خروج الإيزيديين، وأوضح قائلا: " الإيزيديين تم اعتبارهم كفار مثلنا". وينتمي يوسف لأكبر مجموعة مسيحية في العراق قررت النزوح والخروج من البلاد. أما أعداد الكلدان فقد ازداد مستوى تناقصها منذ اجتياح البريطانيين والأمريكيين للعراق. خلال الرحلة في التاكسي تدخل أحمد في الحديث، وهو تركماني، وقال إنه جاء من مدينة تلكيف التابعة لمحافظة نينوى شمال غرب العراق، ولم يكن متواجدا هناك حين دخلت الميليشيات المدينة. ويحكي أن تنظيم "داعش" استولى على جميع المنازل غير الآهلة بالسكان ويقوم بتأجيرها. الإيجارات في "خلافة" داعش موحدة في مستوى83 دولارا في الاسبوع، يدفعها المستأجرون للشقة ، و120 دولار للمنزل. وتحصل إدارة "داعش" على الإيجارات في تكليف والموصل ومحافظة الأنبار. وهنا يعلق مروان ضاحكا "داعش تمارس الاشتراكية"!

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه