بي بي سي- اعترفت الشركة الألمانية العملاقة لصناعة السيارات بأنها تحايلت على اختبارات انبعاثات عوادم سياراتها التي تعمل بوقود الديزل. ووفقا لوكالة حماية البيئة، بيعت بعض السيارات في الولايات المتحدة بعد تزويدها بأجهزة تمكن المحركات من معرفة أوقات اختبار الانبعاثات، ما يجعلها تحسن من أداءها وقت الاختبار من أجل تحسين الأداء لاجتيازه. وكانت فولكس فاغن مندفعة في اتجاه زيادة مبيعاتها من سيارات الديزل في الولايات المتحدة في إطار حملة تسويق حملت شعار "انبعاثات أقل". وكشفت وكالة حماية البيئة عن أن 482 ألف سيارة زودت بتلك الأداة التي تخدع أجهزة قياس الانبعاثات في الولايات المتحدة وحدها، من بينها سيارات "أودي A3" التي تصنعها فولكس فاغن، طرازات جيتا، وبيتل، وغولف، وباسات. لكن الشركة اعترفت بوجود حوالي 11 مليون سيارة تحتوي على أجهزة الخداع في جميع أنحاء العالم، أو ما يُعرف بـ"جهاز خداع اختبارات الانبعاثات" أو "defeat device". تتوافر بعض التفاصيل البسيطة عن كيفية عمل جهاز خداع اختبارات الانبعاثات، وذلك رغم تأكيد وكالة حماية البيئة أن السيارات المزودة بذلك الجهاز مدعومة ببرمجيات إليكترونية تساعد المحرك على الإحساس بسيناريو اختبار الانبعاثات من خلال رصد السرعة، ووضعية تشغيل المحرك، وضغط الهواء، وحتى وضعية عجلة القيادة. وعندما تعمل السيارة في ظروف معملية مُراقَبة، والتي تتضمن وضع السياراة على منصة اختبارات الانبعاثات في وضع الثبات، تضع أجهزة الخداع السيارة في وضع يشبه وضع "الأمان" في الكمبيوتر ليبدأ المحرك في العمل بمستوى أقل من مستوى القوة العادية له ويظهر أداء أضعف من الطبيعي. وهنا تكون النتيجة الطبيعية أن يصدر المحرك انبعاثات نيتروجين أقل، ولكن ما أن تنطلق السيارة على الطريق، ترتفع نسبة الانبعاثات مرة أخرى. يبدو أن وضع الشركة أصبح حرجا عقب ظهور تلك الأزمة على السطح، إذ يقول رئيس الشركة في الولايات المتحدة مايكل هورن: "لقد أخطانا خطأ فادحا". ويقول المدير التفيذي للشركة مارتن فينتركورن إن "الشركة فقدت ثقة عملائها وثقة الرأي العام، وبدأنا بالفعل تحقيقا داخليا". يبدو ان الأثر المالي السلبي لفضيحة فولكس فاغن سوف يكون مضاعف في أوروبا، فلن تتوقف خسائر فولكس فاغن عند تكلفة سحب 500 ألف سيارة من الولايات المتحدة، وهي التكلفة التي تقدر بـ 6.5 مليار يورو، بل يمتد الأثر المالي على الشركة إلى غرامة مالية يحق لوكالة حماية البيئة فرضها على الشركة. ومن الممكن أن يتعرض عملاق السيارات الألماني للمزيد من الخسائر حال لجوء العملاء وحاملي أسهم الشركة إلى القضاء للحصول على تعويضات، علاوة على تكهنات تشير إلى إجراء وزارة العدل تحقيقًا جنائيًا في تلك الأزمة. ظهرت تلك المشكلات في بداية الأمر في الولايات المتحدة، لكنها امتدت إلى دول أخرى تضمنت بريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، وكندا، وبالطبع ألمانيا، وهي الدول التي فتحت بالفعل تحقيقا في تلك المسألة. وتقول أستراليا أنها تراقب الموقف الحالي قبل اتخاذ أي إجراء. ويتسائل السياسيون، والمسؤولون، وجماعات الدفاع عن البيئة من جميع أنحاء العالم عن مدى شرعية اختبارات الانبعاثات التي تتعرض لها سيارات فولكس فاغن. وقال مايكل سابين، وزير المالية الفرنسي إن "هناك ضرورة لإجراء تحقيق في جميع أنحاء أوروبا لطمأنة العملاء." وبلغ عدد السيارات التي استخدمت فيها أداءة التضليل حوالي 11 مليون سيارة وفقا للشركة، من بينها 2.8 مليون سيارة في ألمانيا نفسها. هل هناك استقالات منتظرة في فولكس فاغن؟ استقال مارتن فنتركورن، الرئيس التنفيذي لفولكس فاغن رغم نفيه وقوع الشركة في خطأ فادح. لكن من المؤكد أن الشركة لديها تنظيما هرميا من المديرين صدق على تزويد السيارات بأداة تضليل اختبارات الانبعاثات، وهو ما يشير إلى أن المؤسسة العملاقة سوف تشهد المزيد من الاستقالات في المستقبل القريب. فعلى سبيل المثال، يستعد كريستيان كلينغر، عضو مجلس الإدارة ورئيس قسم المبيعات التسويق لدى فولكس فاغن للرحيل عن منصبه. رغم ذلك، تؤكد الشركة على أن رحيله يرجع إلى تغييرات هيكلية وفقا لمخطط طويل المدى، وليس له علاقة بالأزمة الحالية. هل يطال الشك صانعي سيارات آخرين؟ هناك عدد من التحقيقات التي تجريها جهات تنظيمية وحكومية منوط بها تحديد ما إذا كانت شركات أخرى سيطالها الشك فيما يتعلق بنتائج اختبارات الانبعاثات. وقالت شركات فورد، وبي إم دبليو، ورينو- نيسان إنها لا تستخدم "جهاز خداع اختبارات الانبعاثات" أو "defeat device"، فيما لم تصدر شركات أخرى أي استجابة أو رد فعل للأزمة، وأخرى قالت إنها تلتزم بالقوانين.