نذكر أننا – في طفولتنا – يقابلنا في الحارات رجل يسوق حماراً، وقد صُمّمت السلة (يسمونها المنثر) بشكل متوازن، بحيث لا تحتاج إلى رعاية وانتباه صاحب الدابة. تلك الحاوية المصنوعة من الخوص تحوي مخلفات بشرية، ينقلها ذلك "المقاول" من المنازل إلى مزارع توصي عليها. ومن الملاحظات أن ذلك المقاول يحتاج إلى موعد. وصاحب المزرعة يستقبل "الشحنة" لاستعمالها في التسميد. مهنة مُقززة لكن الرجل يقول "يازين جحّتُه" ما أطيب الحبحبة. ويقول الرجل عن نفسه وعمله: إذا لم أعمل هذا أنا فلا أحد سيريحكم. حفّار القبور مهنة ممقوتة أو مثيرة للخوف والاشمئزاز. وكلمة حانوتي اسم يطلقونه في مصر على مجهّز الموتى للدفن. وهو متعهد كغيره من المتعهدين ذو رخصة وسجل تجاري ووسائل تبليغ ومعرفة واسعة بأمور يجهلها الأحياء أو لا يريدون أن يعرفوها. وفي بلادنا لا توجد هذه المهنة بتاتاً. ربما لعوامل اجتماعية أو تقاليد عامة قد تحول دون ازدهار هذا النوع من النشاط. ولو وجدت عندنا لأراحت بعض الكفلاء الذين يموت مكفولوهم وتبدأ سلسلة طويلة من المتاعب لترحيل الجثة وإحدى هذه المتاعب هو الانتظار حتى تتلقى الخطوط السعودية موافقة من ذوي المتوفى في بلده بأنهم سيستلمونه، وهذا شيء ننفرد به دون غيرنا. وأعرف حانوتياً إنجليزياً كان يتردد على السفارة السعودية وعلى المكتب الثقافي وإذا دخل حيّانا بتحياته المعتادة: - ها نحن نتقابل.. لسوء الحظ. WEE MEET AGAIN.. UNFORTUNATELY أي.. التعاسة أو الشؤم جعلتنا نتقابل..! لكنهم يريحون الناس الذين يوكلون إليهم مهام القضية بدءاً من إعطائهم رقم غرفة المريض وجواز سفره حتى شهادة ترحيله مروراً بتوقيع وشهادة قاضي الوفيات اللندني. أقول إن مثل هذه الأعمال ليس فيها مخالفة شرعية، لو فكر في إنشائها واحد أو أكثر ليتولى الأمر من البداية حتى النهاية مقابل الأجر المعلوم. خصوصاً على ترحيل غير السعوديين. نقلا عن الرياض