أتمنى صادقة أن تفرز التظاهرة الانتخابية التي نشهدها هذه الأيام مجلسا وطنيا قويا بحجم مكانة الإمارات بين أمم العالم المتقدم وأن يكون الأعضاء قادرين بالفعل على استيعاب طموحات الدولة وطبيعة المرحلة السياسية والاجتماعية التي تمر بها. نتمنى أن نوفق في اختيار أهل الثقة والمعرفة والإخلاص، بعيدا عن شعارات الحملات الفضفاضة، إن المحك الحقيقي هناك تحت سقف المجلس ومن خلال النقاشات الجادة والمسؤولة ولجان العمل. الأعضاء الذين سيحظون بشرف الانضمام للمجلس ليناقشوا قوانين وقرارات تمس صلب حياة المواطنين وصميم احتياجات الوطن، يتوجب بل ويفترض بهم أن يكونوا على قدر ذلك، وبالجدية والقدرة المشهودة على تحمل المسؤولية، هذا ما يتمناه كل وطني صادق وحريص بمعزل عن المزايدات الانتخابية. أكد صاحب السمو رئيس الدولة عام 2008 عزمه على تعزيز خطى التمكين السياسي، ونتذكر قوله: «نتطلع إلى مزيد من المشاركة الشعبية في هذا الجهد، إيماناً منا بأهمية بناء علاقة تفاعلية بين قطبي كياننا السياسي وهرمنا الاجتماعي». وإن طموحا بهذا المستوى يتطلب ناخبين على قدر كبير من الفهم والمسؤولية ومرشحين على قدر أكبر من الوعي والثقافة السياسية والحرص والإلمام بقضايا وخصائص الداخل ومعرفة بمجريات المنطقة والمحيط، فالمجلس الوطني ليس مجرد تشريفات وألقاب وامتيازات كما يظن البعض. لازلت أتذكر ا محمد خليفه الحبتور الذي تولى رئاسة المجلس نهاية التسعينات، كنت إذا تحدثت إليه في أي قضية تخص اختصاصات الوزارات أو المجلس والقضايا التي يناقشها يسألني قبل أن يبدأ إجابته: (هل قرأت الدستور؟) وأسداني معروفا لا أنساه حين ناولني نسخة من الدستور صرت كلما كتبت في شأن يخص المجتمع أرجع إليه لأكتب على هدى وتبصر، وظل الدستور على مكتبي حتى اليوم، أذكر ذلك لأنني سألت أحد المرشحين: هل قرأت الدستور؟ فأجابني: ليس مهما! إن واحدا من أهم الأسس التي يتوجب أن يقوي بها المرشحون مواقفهم ويثرون بها شخصياتهم وثقافتهم السياسية هو الإلمام بالدستور، والمعرفة الدقيقة بواجباتهم كممثلين للشعب قبل أن يخلطوا بين الشعارات والبرامج، والوعود التي ليست من الأساس ضمن اختصاصات المجلس، إن شركات العلاقات العامة يمكنها أن تضع خطة محكمة لحملة انتخابية ناجحة، لكن شخصية المرشح وقدرته على إقناع الناخبين وتأثيره فيهم كي يختاروه ممثلا لهم تعتمد على عوامل ليست بيد شركات العلاقات العامة. نقلا عن الاتحاد