لا يترك «داعش»، التنظيم الأكثر إرهاباً في العالم، أي طريقة للتواصل، مع أي أعمار مستهدفة؛ إلا ويحاول الاستثمار بها، بل إنه يواكب جديد المنصات الاتصالية بشكل لافت - أسرع من بعض الحكومات -، ويرسل جل رسائله، بطريقة «مؤسساتية» احترافية، تقول بالضرورة بأنه يرتكز على بعد استخباراتي، وليس أعمالا ارتجالية يقوم بها هواة متطرفون.. وحسب! قبل أيام، قالت الزميلة (الوطن) إن تنظيم (داعش) الإرهابي «يعتزم إطلاق لعبة (الصوارم 2)، وذلك بعدما أطلق النسخة الأولى العام الماضي. واللعبة موجهة للفئة العمرية من ١٢ عاما إلى ١٩ عاما، وتتم على عدة مراحل تبدأ بالقتال، ثم التفجير، إلى تحرير المناطق». والأرقام تقول إنه بعد عام من رفع (داعش) للعبة (صليل الصوارم)، على موقع (يوتيوب)، تم تحميلها نحو 40 ألف مرة. ولكن السؤال، لمَ فعلوا هذا؟! بنظري، هناك بعض النقاط التي تحاول تفسير ذلك، وقد تكون هناك أهداف خفية، وهي كالآتي: أولا: عملية تجنيد مبكر، من خلال استقطاب المراهقين، المداومين على الألعاب بشكل كبير، عبر محاولة مخاطبة «اللا وعي» لديهم، كأن يتم إيهامهم بأن عمليات التفجير تبدو في غاية السهولة، أو زعم أن المتعاطفين معهم كثيرون، عبر التواصل في «الأون لاين». ثانيا: العمل على رسم صورة «دولوية» - من دولة - عنهم، ليقولوا للمتلقي بأنهم دولة كاملة الأفرع، وأن وجود مثل هذه الألعاب يعبر عن استقرار وجودهم، وغالبا ما تكون هذه الرسائل موجهة للمتلقي الغربي، فالمتلقي الشرقي، أو ابن المنطقة؛ يخاطبونه بالميل الديني المزيف، وغير ذلك عبر إرسال الصورة (المشرقة) الكاذبة، وفي كل الحالات استثناءات، ومرضى نفسيون، ونماذج غير سوية. ثالثا: تأصيل ال»Brand»، عبر التركيز على الهوية بشكل مكثف، بحيث - ومن خلال هذه الألعاب - يصبح علمهم «المزعوم» مألوفا للمستخدمين، وكذلك بعض مفرداتهم، كمصطلح «الدولة الإسلامية»، وتصدير النماذج الإرهابية في التنظيم ك»رموز»، وحتى طريقتهم في اللباس والعيش، والتعامل مع المرأة، والنظرة للحياة، وغير ذلك كثير. أخيرا، ومثل كل مرة يتم التسليط فيها على الثغرات التقنية، التي يستهدفها هذا التنظيم المتطرف، أو أي من الذين يستهدفون «اختراقنا»، نرى في المقابل (بيروقراطية) في التعاطي مع هذه القضايا، وبعد كل مشكلة نقوم بعمل أضعاف ما يمكن عمله قبل المشكلة، ودفع أضعاف ما يفترض أن يكون، ومع ذلك.. بلا فائدة! والسلام * نقلا عن "الرياض" السعودية