سياسة أوباما في الشرق الأوسط لم تفقده ثقة حلفاءه فقط ولكنه أحدث ايضا تغيير في الميزان الاستراتيجي لصالح موسكو في منطقة الشرق الأوسط على حساب واشنطن.
وزاد شعور العالم العربي إلى الأحتياج إلى قوى جديدة أنتهزتها روسيا لتحل محلها.
زاد هذا الشعور مع دخول روسيا الأزمة السورية مباشرة الى جانب نظام الرئيس بشار الأسد في دمشق، في 30 سبتمبر الماضي، وقصفها مواقع معارضيه، ودخولها في صراع مع الغرب حول الأزمة الأوكرانية.
قوبل هذا التدخل العسكري الروسي في سوريا بالترحيب من بعض الدول مثل ألمانيا ومصر والعراق.
بالإضافة إلى دمشق وحلفاؤها في طهران ولبنان والمتعاطفون معهم في بغداد أعربوا عن تأييدهم المطلق للخطوة الروسية، ورأوا فيها بداية الخلاص ممن يصفهم نظام الرئيس الأسد بالإرهابيين.وبحسب بي بي سي قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني في تصريحات له في دمشق "إن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة فشل في القضاء على الارهاب".
وأضاف أن "التعاون بين كل من سوريا والعراق وايران وروسيا نجح في مهامه".في المقابل نددت الدول العربية والغربية، المطالبة بسقوط رأس النظام في دمشق، بالتدخل العسكري الروسي واعتبرته تهديدا للثوار الذين يقاتلون بشار الأسد منذ أربع سنوات و"خذلانا" لآمال وثورة الشعب السوري في التحرر.
وأمام هذا التغلغل الروسي تقف السياسة الخارجية للرئيس أوباما في الشرق الأوسط مغلولة الأيدي، متذبذبة بل عاجزة عن وقف النفوذ الروسي الزاحف حسب بعض المراقبين.
ففي الرابع من الشهر الجاري، أعلنت واشنطن رفضها عرض موسكو التنسيق حول تلك الضربات. ووصفها وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر بأنها "خطأ جوهري" بدعوى أنها تستهدف مقاتلين غير تابعين لتنظيم الدولة الاسلامية.
في اليوم التالي عاد أشتون ليؤكد أن بلاده لن تتعاون مع روسيا في سوريا ما دامت موسكو تدعم قوات الرئيس السوري. وفي 14 من أكتوبر توقع الوزير الامريكي أن تفضي المباحثات العسكرية مع موسكو بشأن ضرباتهما الجوية في سوريا إلى اتفاق.
ويرى مراقبون أن الدول العربية الخليجية التي كانت تأمل في تدخل عسكري أمريكي وازن في سوريا لتغليب كفة مقاتلي الائتلاف الوطني السوري وضرب مسلحي الجماعات المسلحة التابعة لتنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية، يئست من حدوث تغيير في الموقف الأمريكي من دخول الصراع في سوريا في عهد الرئيس أوباما، للمساعدة في القضاء على خطر "الدولة الاسلامية" الذي بات يتهدد كياناتها.
من شبه المؤكد أن استراتيجية الرئيس باراك أوباما في التعامل مع صراعات الشرق الأوسط لن تتغير. فسياساته قامت على استبعاد الحروب الاستباقية وتقليل التدخل في مشاكل الشرق الأوسط والاعتماد على حلفائه في المنطقة لحلها.
وثمة من المحللين من يرى أن واشنطن، التي لا تبدي قلقا عميقا من توسع الوجود الروسي في الشرق الاوسط، تدرك أن صداقاتها الوثيقة بحلفائها في المنطقة لن تتأثر وتأمل في الوقت ذاته أن تحترق أصابع موسكو في سوريا مثلما احترقت أصابع واشنطن في العراق منذ عام 2003 .