الرياض بوست- قال راشد العريمي المستشار الإعلامي بديوان ولي عهد أبوظبي أن تاريخ نشأت مفهوم الدوله المدنيه يعود الي زمن بعيد، حيث تحدث عنها الفلاسفة في أوروبا، وبدأت فكرته تتبلور مع ظهور فكرة العقد الاجتماعي على يد الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو ومع قيام الثورة الفرنسية في نهايه القرن الثامن عشر .
وتطرق العريمي الي بعض المفكرين العرب الذين تناولوا مفهوم الدوله المدنية كحسن حنفي الذي قال إن الدوله المدنية تقوم على تعددية القوة السياسية, ومنطق التفاهم، وثقافة الحوار و التسامح، ومبدأ المواطنة، تعبير الشعب عن رأيه تكون من خلال الانتخابات لضمان الحريه للناس في إطار القانون، وفي الدوله المدنيه لا يحكم رجل الدين أو العسكر ما يعني أنها ليست دوله دينيه ولا دولة عسكرية.
وذكر العريمي أن الدول العربية لدى محاولتها بناء الدولة المدنية مرت بثلاث تجارب فاشلة :
كانت التجربة الأولى بعد الاستقلال في منتصف القرن العشرين حيث اتخذت الدول التي تم بناؤها أنذاك أشكالا متعددة وجميعها أخفقت في تحقيق ما هو منشود منها، وكانت المحاولة الثانيه لدى نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق، حيث شهدت مناطق عدة في العالم تحولات في هيكلية الدول وتوجيهها نحو صياغة الدولة المدنية، كما حدث في أوروبا الشرقية, لكن الدول العربية نأت بنفسها عن هذا التحول.
أما المحاولة الثالثه, فقد جاءت مع اندلاع أحداث ما يسمى الربيع العربي, لكن التجربة بدورها فشلت وتحولت إلى حروب أهلية , ومطية لجماعات الإسلام السياسي .
وعند تطرقه إلى تحديات بناء الدولة المدنية في الوطن العربي , ذكر العريمي أن أهم هذه التحديات يتمثل في جماعات الإسلام السياسي, وأنظمة الحكم المحافظ , وروح الوصايه المسيطرة على المجتمعات والعقل العربي, وثقافة الإقصاء التي تتبناها الأنظمة الحاكمة في بعض الدول.
وذكر العريمي أن جماعات الإسلام السياسي تسعى إلى أسلمة المجتمعات ، ودمج الدين بالدولة, من خلال تبنيها مفاهيم مغلوطة, بالرغم من أن مفهوم فصل الدين عن الدولة في إطار الدوله المدنيه لا يعني فصل الدين عن المجتمع كما تروج هي.
كما أن هذه الجماعات لدى وصولها إلى الحكم فشلت في تقديم نموذج حكم مختلف عن سابقاتها وذلك كما حدث في كل من تركيا وإيران ومصر وتونس, حيث برهنت هذه الجماعات انها تسعى خلف مصالحها .
ومن ثم انتقل العريمي إلى مستقبل الدول المدينة في العالم العربي، وتساءل قائلا : هل يعود العرب إلى النظم القومية وأجاب بالنفي ، مبررا ذلك بأن النظم القوميه فشلت في تجاربها السابقة في الحكم وبالتالي، فإن البديل السليم من وجهة نظره أن طرح مصطلح الدولة المدنية في العالم العربي كانت مجرد دعوة للتوفيق بين الفريقين المتخاصمين تقليديا العلمانيين وجماعات الإسلام السياسي حيث ان الفريقين وجدا نقطة لقاء مشتركة للهروب من الدعوة، إلى مطلبين غير واقعيين تاريخيا ومرفوضين كذلك من أغلب أفراد المجتمع.
أقصد الدعوة إلى الدولة العلمانية أو الدعوة إلى دولة الخلافة.
وفي محاوله للتسوية بين هذين المطلبين تمت الدعوة منذ عشرين عاما تقريبا للدولة المدنية دون وجود أرضية حقيقة لها أو اتفاق بين الفريقين على تعريفها.
وقال العريمي إن: دول مجلس التعاون لم تكن بعيدة عن تجارب بناء الدولة المدنية , بل نالت مصيرها من ذلك،ولدولة الإمارات العربية المتحدة تجربة مميزة في هذا الإطار ونجحت في التوفيق بين التراث والحداثة وذلك بفضل قيادتها الرشيدة التي تؤمن بالدولة المدنية ولا تخلط بين الدين والسياسة.
هذا ما جاء في محاضرة ألقاها "العريمي" في مقر مركز الإمارات للدراسات الإستراتيجية في العاصمة الإماراتية أبوظبي بعنوان "تحديات الدولة المدنية في العالمين العربي والإسلامي :رؤى من كتاب السراب ".