بفعل التطور التكنولوجي الذي صرعنا في الآونة الأخيرة.. أصبح التواصل عبر "الواتس أب" الأكثر انتشاراً وتداولاً في العالم، وخصوصاً في الخليج العربي، وقد تطور ذلك التواصل حتى غدى ثقافة تستحق الدراسة والوقوف عندها للمناقشة، لا سيما مع ظهور مجموعات الدردشة. الحق والحق يقال، لقد سهّل الواتس أب كثير من التواصل بين البشر، لا سيما بين أولئك الذين تتطلب أعمالهم تواصلاً مستمراً لنقل المعلومات والتعاطي مع التعليمات أولاً بأول، وقد مكنت المجموعات من فتح الدردشات الجماعية لمناقشة قضايا معينة محل اهتمام مشترك، أو لمجموعة زملاء في العمل أو النادي أو ما شابه ذلك. ولكن.. يبدو أن هذا البرنامج بقدر ما هو نعمة أنعم بها الله على البشرية في عصرنا الحديث، بقدر ما هو نغمة سلط بها الله علينا من لا يجيد استخدامها، ويتمادى على حريات الآخرين وراحتهم من خلالها. أن يكون جهازي مزود ببرامج الدردشات والمحادثات لا يعني أن أبعث برسائل إلكترونية واحدة تلو الأخرى وبشكل مستمر على كل الأفراد في قائمتي، ولا يعني أن أرسل الغث والسمين من كل ما يصلني كالببغاء تردد كل ما تسمع دون وعي وفهم ودراية. من الملاحظ أيضاً أن ظاهرة مجموعات الدردشة في الآونة الأخيرة، بدأت تظهر بشكل لافت عن حدود الذوق العام واللياقة، يفاجئ المرء منا في كثير من الأحيان بإضافته في مجموعة ما دونما استئذانه، مع أفراد لا يعرفهم ولا تربطه بهم صلة غير أنهم في دائرة معارف الشخص الذي قرر إضافته، متغاضين عن كون رقم الهاتف جزء من خصوصية الفرد التي لا يحبذ دائماً تداولها بين الناس بلا حدود، متغاضين عن حقه في اختيار نوع المجموعات التي ينضم إليه وقدر ما تلبي من احتياجاته، فإن لم يكن أحدهم مهتما بموضوع ما فمن باب أولى عدم إضافته واقحامه فيما لا يعنيه عنوة. إن ثقافة المجموعات "القروبات" لا بد أن تخضع للتغيير والتعديل بما يتناسب مع الذوق العام؛ الإرسال في الأوقات المخصصة للراحة ممنوع، الإرسال في وقت ذروة العمل ممنوع، الخروج عن الذوق العام والأعراف والمساس بالمعتقد ممنوع، المحادثات والدردشات على المجموعات مزعجة لكثير من الأعضاء مقابل متعة يحصدها قلة من الأعضاء. أيضاً يلاحظ أن المجموعة تنشأ لأغراض معينة، كأن يتم تبادل الأخبار بشأن معين، أو التواصل مع الزملاء والمسؤول في العمل فيما يتعلق بنشاط العمل، ومن ثم ما تلبث تخرج عما خصصت له، وتتحول إلى ساحة منوعات. ومضة: المسألة بحاجة لإعادة نظر.