محمد الحمادي
اللقاءات المتسارعة، والاجتماعات المكثفة التي تعقدها دول العالم، لابد أن تؤدي إلى نتيجة ونهاية للأزمة في سوريا.. واجتماعات اليوم وغداً في فيينا بين الأطراف المختلفة، هي اختبار حقيقي لتلك الدول المشاركة في الاجتماعين، واختبار للعالم ومدى قدرته على وضع نهاية للأزمة السورية.
واقع الأزمة السورية العميق هو التباعد في المواقف بين الأطراف المتحاورة، حول الأزمة والتحدي الحقيقي هو كيفية ومدى إمكانية التقريب بين هذه الأطراف، فبين من يرى أن الحل السياسي ممكن، بل ووحيد، ويجب العمل على تحقيقه، ويصر على السير في طريقه، ومن يرى أنه لا حل غير الحل العسكري، وأنه الممكن الوحيد، تضيع الجهود ويضيع الوقت ويخسر الشعب السوري أكثر.
أود أن أحافظ على تفاؤلي بقرب حل للأزمة السورية، خاصة بعد التحركات الدولية الأخيرة، لكنني لا أكاد أرى ضوءاً في نهاية النفق السوري، وأتساءل كيف يمكن حدوث اختراق في الأزمة من خلال الاجتماعات المتواصلة من باريس إلى فيينا، وربما مدن أخرى، والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن المواقف متباعدة تماماً، حتى تكاد تكون متناقضة، لدرجة أن بعض المشاركين في اجتماعات البحث عن الحل للأزمة السورية، هم في واقع الأمر جزء أصيل من المشكلة والأزمة، ومنغمسون تماماً في المستنقع السوري، وهذه القوى الإقليمية والدولية لا تبحث إلا عن مصالحها ونفوذها ونصيبها من الكعكة، والدول العربية وحدها، هي التي تبحث عن مخرج لإنقاذ الشعب السوري، وإبقاء سوريا موحدة، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، وحماية الأمن القومي العربي الذي أصبح في مهب الأطماع والأخطار، وأصبح رهينة بين إرهاب ينتشر كالسرطان، وقوى إقليمية ودولية تتصارع على موطئ قدم في المنطقة.
عندما ننظر إلى أجندات القوى الدولية والإقليمية الأربع، أميركا، روسيا، إيران وتركيا سنفاجأ بأننا لن نجد بنداً واحداً معنياً بإنهاء معاناة الشعب السوري الذي أصبح بين مطرقة «النظام»، وسندان «الإرهاب» المدعوم، أو على الأقل المسكوت عنه.
الحقيقة أن ما يحدث في سوريا الآن، لم يعد له علاقة بثورة ولا بربيع أو خريف عربي، وإنما هي حرب إبادة ضد الشعب السوري، يمارسها النظام وتمارسها أيضاً ما تسمى المعارضة، والمثير للسخرية أن الجميع يتكلم عن مطالب الشعب السوري للخروج من الأزمة، بينما ليس للشعب السوري مطلب سوى أن تتوقف هذه المهزلة بأي صيغة، وبأي ثمن، فلم يعد هذا الشعب معنياً بالاجتماعات والمقترحات ولا بالاستعراضات السياسية والدبلوماسية.
أستطيع أن أقول اليوم، إن أهم طرف يغيب عن أي محادثات، في أي مدينة، هو الشعب السوري الذي لم يعد يمثله أحد أو يتحدث باسمه أحد.. كما أرى أن هذه الأزمة تم تدويلها بفعل فاعل في غياب أو غيبوبة الدور العربي الذي غاب طويلاً عن أزمات المنطقة، فأضاع هذا الغياب دولاً بأكملها، مثل العراق وليبيا، وكاد اليمن يضيع لولا الهبة العربية في عاصفة الحزم وإعادة الأمل.. أخيراً أرى أن الوقت ليس في مصلحة الشعب السوري، وإنما في مصلحة الأطراف المتصارعة التي تجمع أوراقاً أكثر للحصول على موقف تفاوضي أقوى!
* واقع الأزمة السورية العميق هو التباعد في المواقف بين الأطراف المتحاورة حول الأزمة، والتحدي الحقيقي هو كيفية ومدى إمكانية التقريب بين هذه الأطراف
* أستطيع أن أقول اليوم إن أهم طرف يغيب عن أي محادثات في أي مدينة هو الشعب السوري، الذي لم يعد يمثله أحد أو يتحدث باسمه أحد.. كما أرى أن هذه الأزمة تم تدويلها بفعل فاعل في غياب أو غيبوبة الدور العربي