أثار استهداف الطائرات الروسية للثوار في جنوب سوريا مخاوف اسرائيل والأردن لاسيما أنّها المرة الأولى التي تركز فيها موسكو على "تل هارا" الواقع على بُعد تسعة عشر كيلومتراً تقريباً من الحدود الإسرائيلية - وغيرها من المواقع في محافظة درعا، فضلا عن التصريحات الروسية، التي تؤكد أنّ موسكو تخطط لتتوسع إلى مناطق أخرى، بما فيها جنوب سوريا.
وكشفت مذكرة صادرة عن النخب الروسية أن الجيش السوري و «حزب الله» والقوات الإيرانية ومختلف الميليشيات الشيعية، سيكونون بمثابة المقاتلين على أرض المعركة بالنسبة للتدخل العسكري بأكمله، ويتم دعمهم بواسطة الضربات الجوية الروسية.
وقد تركزت هجمات روسيا وحلفائها حتى الآن على شمال ووسط سوريا، إلا أن الضربات التي شُنت يوم الأربعاء تشير إلى أنهم قد يميلون الآن إلى الاهتمام بالمناطق الجنوبية.
في 24 أكتوبر، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا سوف تنسق عملياتها العسكرية مع الأردن، وتشمل هذه الضربات الجوية.
و يرى نداف بولاك زميل "مؤسسة ديان وجيلفورد جليزر" في معهد واشنطن أنّه إذا ما خططت موسكو في الواقع توسيع حملتها الجوية في جنوب سوريا، فإن إقامة آليات للتنسيق مع عمان هي خطوة ضرورية.
ويؤكد بولاك "أهمية أقليم درعا في جنوب البلاد بالنسبة لنظام الأسد، حيث بدأ فيها التمرد، لذا فإن استعادة السيطرة على هذه المساحة قد ترمز إلى القوة والعودة إلى الاستقرار. ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، يتعيّن على الأسد وحلفائه إضعاف الثوار في الجنوب، الأمر الذي يتطلب تحقيق سيطرة أكثر حزماً على المعابر الحدودية مع الأردن".
ويضيف "وتشكل مدينة درعا ومحيطها أيضاً أهمية كبيرة للأردن، حيث أن أي عمليات قتالية تحدث في تلك المنطقة يمكن أن تؤثر على أمن الحدود فضلاً عن تدفق اللاجئين إلى المملكة".
وبحسب معهد واشنطن فإن بعض التقارير تدعم الأردن المعارضة هناك عن طريق تقديمها المشورة والتسليح، وينعكس ذلك أساساً من خلال "قيادة العمليات العسكرية" في عمان، التي تساعد الثوار بالسلاح وعمليات التخطيط.
بالنسبة لإسرائيل، سيكون النشاط الجوي الروسي المستمر بالقرب من حدودها إشارة مثيرة للقلق. فإذا استخدم «حزب الله» وإيران الغطاء الجوي الروسي من أجل الاقتراب من الحدود، فإن قواتهما سوف تجتاز إحدى الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل.
وكانت بعض التقارير قد ذكرت في وقت سابق من هذا العام، أن هذا السبب هو الذي أدى إلى لجوء إسرائيل إلى استهداف «حزب الله» وقادة إيرانيين في مرتفعات الجولان. وقد نقلت القدس هذا الخط الأحمر وخطوط حمراء أخرى إلى الروس أكثر من مرة، لذلك فإن أي تحديات إضافية يشكلها «حزب الله»/إيران في الجولان ستختبر إلى حد كبير التنسيق الإسرائيلي -الروسي. كما ستختبر أيضاً العلاقات الروسية الإيرانية - حيث لا تريد موسكو أن تغيظ إسرائيل من خلال تسهيل الاستفزازات الإيرانية من جهة، بينما تحتاج إلى المقاتلين الإيرانيين على أرض المعركة لمحاربة الثوار من جهة أخرى.
أما بالنسبة للأردن، فبإمكان حملة جوية مكثفة جداً في درعا أن تزيد من تدفق اللاجئين عبر الحدود. ومنذ أن بدأت روسيا ونظام الأسد هجومهما في الشمال، أفادت بعض التقارير أن أكثر من 120,000 شخص من المدنيين قد غادروا منازلهم هرباً من القتال. وإذا كان هذا أي مؤشر على ما يمكن أن يحدث في درعا، ينبغي أن تكون الأردن قلقة [من تطور الأحداث]. فالمملكة تعاني بالفعل من الضغوط المالية ووطأة البنية التحتية من جراء مساعدة مئات الآلاف من اللاجئين في أراضيها، وإذا ما استمر العديد منهم في الوصول إليها، فستكون قدرتها على مساعدتهم محدودة.
وتريد الأردن وإسرائيل أيضاً إبعاد الفصائل المتطرفة الناشطة في جنوب سوريا. وقد تمكنت حتى الآن من فعل ذلك، إلا أن قيام وجود أكبر لروسيا والنظام السوري في جنوب البلاد قد يغير ذلك.
على الرغم من عدم وجود العديد من الخيارات لأي من البلدين لإبعاد القوات الجوية الروسية من جنوب سوريا، بإمكان إسرائيل أن تؤكد مرة أخرى لموسكو بأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة إذا انضمت عناصر إيرانية وأخرى من «حزب الله» إلى أي هجوم بري على مقربة من الحدود.
ولا يزال السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كانت اسرائيل ستقوم في الواقع بشن ضرباتها إذا تواجدت القوات الروسية في المنطقة، ولكن إعادة صياغة خطها الأحمر الذي كررته مراراً ، قد يمنح موسكو مهلة [للتفكير] حول تمكين جبهة مكونة من «حزب الله» وإيران في الجولان.
وإذا ما اقترب مقاتلو «حزب الله»، أو وكلاء إيرانيين آخرين، أو جنود سوريين من الحدود، فقد تستخدم إسرائيل نيران أرضية ضدهم، بما فيها المدفعية أو الدبابات. ومن الممكن أيضاً أن تستخدم أسلحة المواجهة من مجالها الجوي. بيد، أن كلا الخيارين محفوف بالمخاطر لأنهما قد يؤديا إلى تصعيد الموقف مع أي قوات روسية عاملة في المنطقة.