وحدة الكلمة قوة!

هيفاء صفوق

يتكرر مشهد الإرهاب، وقتل وسفك دماء الأبرياء منذ ما يقارب العام وأحداثه متتالية، تستهدف دور العبادة.

ابتداءً من مسجد قرية الدالوة في الأحساء، ثم مسجد علي بن أبي طالب، وبعدها محاولة استهداف مسجد حي العنود في الدمام، وإلى تفجير جامع الطوارئ في مدينة أبها، مروراً بحسينية الحيدرية في سيهات، وأخيراً - للأسف- في مسجد المشهد في نجران.

تعددت الأماكن والأشخاص والهدف واحد، هو زعزعة الأمن في هذا الوطن.

الإرهاب له أساليب وطرق عدة، من سفك الدماء، والفتن، وزعزعة الأمن، وتخويف الآمنين، فلم تسلم منه حتى دور العبادة، وهذا كان غباء منهم بأنهم كشفوا حقيقة أمرهم وتوجهاتهم سريعاً، ليس من أجل الدين كما يزعمون، بل محاولة إثارة الفتن والفوضى وتقليب الأفراد بعضهم على بعض، فلم يسلم من ذلك حتى الأقارب، تحريض الابن على قتل والده، وابن الأخت على قتل خاله، وابن العم على قتل ابن عمه، ولم يسلم من ذلك لا مدنيين ولا عسكريين، يتصيد هذا الإجرام كل شيء ليكون أكثر شراسة ودموية.

إذاً، الكل في خندق واحد، لأن هدف الإرهاب هو هدم الوطن من داخله، ليسهل تحطيمه والقضاء على استقراره. هذا يوضح مدى خبثهم ومخططهم في تصادم المجتمع مع بعضه؛ لإضعافه والسيطرة عليه.

يوجد الآن إفاقة جماعية، تنبذ هؤلاء المتطرفين بشكل قاطع لا يقبل التردد أو التعاطف معهم كما كان في السابق.

لا بد من نبذ كل تطرف إرهابي الفكر، ومن ينادي بالتفرقة والتحريض بصوت عالٍ لا خجول، وأن يتمسك الجميع باللحمة الوطنية، وعدم الدخول في صراعات طائفية بغيضة.

من المهم جداً إدراك أن الإرهاب لا يحارب إلا بتوحيد الصف والكلمة الواحدة، وقوة الترابط على مبدأ واحد هو حب الوطن، وبذلك تتشكل القوة والصلابة في مواجهة أي إرهاب داخلي أو خارجي.

من المعيب أن يلتزم بعضنا الصمت، فهذا ليس طبع أي غيور على بلده، وخاصة من لهم مكانة مؤثرة ولهم احتكاك مباشر مع أفراد المجتمع، لا بد من توضيح وتجريم هذا الإرهاب بلغة واضحة وحازمة تساعد الآخرين على معرفة الجرائم التي يقوم بها هذا التطرّف، وأنه ليس من الدين بشيء.

كل فرد له دور ومسؤولية تجاه الوطن، بعدم الدخول في صراع ديني وطائفي وعنصري، لأن هذا هو هدف الإرهاب بعينة الذي يرغب أن يزعزع الأمن والانتماء، ويحاول صناعة الفتن؛ لكي تكون بصمتهم عميقة ومؤلمة، حينها ينجح في بث سمومه والتفرقة بين أفراده.

نحن في مواجهة مع فكر إجرامي متطرف، يحاول الصيد بأي طريقة، سواءً أكان في التفجير، أم إثارة النزعة القبلية، أم إثارة قضية السنة والشيعة، أم إثارة الإشاعات وتأليب الأفراد على حكامها.

بكل ذلك يحاول الفكر الإرهابي الدخول ومن أي ثغرة صغيرة كانت أم كبيرة؛ لبث نفوذه من الداخل، هنا يأتي وعي المواطن لسد لمثل هذه النزاعات الفكرية المتطرفة، والصد لكل من يحاول بثها.

ليس من المقبول الآن الاستماع إلى كلمة جاهل، أو من لا يدرك مواطن وحقيقة الأمر؛ فهي تعطي الضلالة الكاملة، بل جميع الأفراد يدركون حرمة الوطن، وكم هي الأرض غالية! فهي الأمان والاستقرار.

ضرورة الخروج من سطحية التفكير واللامبالاة، إلى الشعور بالمسؤولية والمساندة والتعاون مع ما تقوم به قوات الأمن التي أثبتت يوماً بعد يوم قدرتها في التصدي باحترافية عالية ضد أعداء الوطن.

ما قام به الإرهاب والتطرف من محاولات مخزية في دفع الانتحاريين إلى تفجير أنفسهم في بيوت الله، إلا دليل عجز أعمى بصيرتهم، وران على قلوبهم، بضحالة فكرهم وسواد قلوبهم، لكنها بإذن الله فاشلة، ولا تزيد إلا تماسكاً ووحدة أكثر من السابق. لدينا مجتمع يعي قيمة الوطن، ويعي ماذا يريد الإرهابيون والمتطرفون من هذا البلد، وهذا ما لاحظناه بعد كل تفجير.

ما يزيد أفراده ألا إصرار وتماسك في حب الوطن، وتكاتفهم على كلمة الحق، واستيقاظ عيونهم أكثر.

وأخيراً، يجب ألا نغفل عن أهمية دور المؤثرين في المجتمع كالمسؤولين، والقضاة، وأصحاب المنابر، والدعاة، في التحدث صراحة ووضوح وحزم بتجريم هذا الفكر الإرهابي. هنا يأتي دورهم في إظهار حقيقة هذا الفكر وعلى عاتقهم مسؤولية كبيرة.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه