2015-11-19 

اللاجئون السوريون في أميركا بين الأمل والخوف

من كاليفورنيا، شارون برنستاين

  رويترز - يعيش اللاجيء السوري محمد عبد ربه مع زوجته وابنتيه في شقة ضيقة من حجرتين في سكرامنتو تتناثر فيها أمتعتهم القليلة لكنهم يشعرون أخيرا بأنهم تحرروا من الخوف.

وبعد ستة أسابيع فحسب من وصول الأسرة إلى الولايات المتحدة التحقت البنتان بالمدرسة ولم تعد أي منهما تصرخ خلال الليل. ولم تعد الأم دانيا تشعر بالخوف من الخروج من البيت للمرة الأولى منذ سنوات.

قال عبد ربه (36 عاما) لرويترز باللغة العربية من خلال مترجم "شهدنا أمورا من الصعب وصفها. فجأة وأنت تسير في الشارع يسقط شخص ميتا أمامك."

ومن الممكن أن تتوه قصة هذه الأسرة بسهولة في طيات رد الفعل السياسي الأمريكي المناهض للاجئين السوريين الذي نتج عن تقارير ذكرت أن واحدا من المسلحين المشاركين في هجمات باريس ربما دخل أوروبا مختبئا وسط طوفان المهاجرين.

ويقول خبراء في الهجرة إن التجربة التي مرت بها أسرة عبد ربه - من رعب وأهوال في سوريا ثم الارتياح العميق والإحساس بالأمن في الولايات المتحدة - ترمز لكل ما يلاقيه اللاجئون.

والأسرة ضمن مجموعة صغيرة من حوالي 1700 لاجيء سوري سمح لهم بدخول الولايات المتحدة من بينهم 179 في كاليفورنيا و189 في تكساس و179 في ميشيجان و111 في بنسلفانيا.

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعهد باستقبال عشرة آلاف لاجيء سوري في العام المقبل في أعقاب تدفق مئات الآلاف من اللاجئين من سوريا على أوروبا هربا من الحرب الأهلية بين حكومة الرئيس بشار الأسد ومقاتلي المعارضة ومن زحف تنظيم الدولة الاسلامية.

لكن خطة أوباما تواجه مقاومة شرسة من الجمهوريين في الكونجرس وفي حملة الانتخابات الرئاسية في أعقاب سقوط 129 قتيلا في باريس في هجمات أعلن تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عنها.

وقال حكام حوالي 26 ولاية أمريكية أغلبهم من الجمهوريين إنهم لن يقبلوا وصول لاجئين جدد وذلك استنادا لمخاوف أمنية.

وتخشى وكالات الإغاثة من تداعيات هذه المخاوف ومن احتمال أن تجعل بعض المناطق في الولايات المتحدة أقل ترحيبا باللاجئين الواصلين إلى البلاد.

وقالت ديبرا ديبونت التي ترأس وكالة أوبننج دورز للاجئين "علينا أن نتحلى باليقظة لكننا بحاجة أيضا للتعقل وألا نترك الخوف يسيطر علينا."

وساعدت وكالة أوبننج دورز في العام الماضي في توطين 400 لاجيء من الشرق الأوسط كان من بينهم خمس أسر سورية في سكرامنتو.

في يناير كانون الثاني الماضي انتقل كمال محروس بأسرته إلى هيوستون من دمشق بعد أن أمضى عاما في مصر وخضع لفحص أمني أجراه مكتب التحقيقات الاتحادي.

ويقول محروس إن كون المرء مسلما لا يعني أنه عضو في الدولة الاسلامية أو جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.

ويضيف "نحن سوريون. لسنا داعش ولا جبهة النصرة ولا نظام الأسد. نحن أناس عاديون" مستخدما الاسم الشائع لتنظيم الدولة الاسلامية.

 

* كفى كوابيس

هربت أسرة عبد ربه من بيتها في الحي القديم بمدينة حمص المحاصرة في غرب سوريا وسط أحداث عنف مدمرة قبل أكثر من ثلاث سنوات لتبدأ ما وصفها عبد ربة "بسنوات العذاب" في الأردن قبل أن تنقل وكالة إغاثة الأسرة إلى سكرامنتو في 29 سبتمبر ايلول.

وتحتوي شقة الأسرة على أريكة كبيرة وأريكة صغيرة ومنضدة صغيرة للطعام وثلاثة أسرة إثنان منهما متلاصقان في غرفة للبنتين سالي (7 سنوات) ولين (5 سنوات). وفوق البراد (الثلاجة) علبة حبوب.

وفي المطبخ يجهز عبد ربه الشيشة لتدخين التبغ مع ضيوفه في شرفة صغيرة.

بدأت سالي تتعلم الانجليزية وتقول إنها تريد أن تصبح طبيبة عندما تكبر.

ويقول والداها إنها ظلت طوال أربع سنوات تستيقظ وهي تصرخ كل ليلة وتبلل فراشها من الخوف. وبعد أسبوعين من الإقامة في الولايات المتحدة توقفت مشاهد الرعب الليلي ولم تعد سالي تبلل الفراش.

وقالت دانيا التي ظلت تدرس الادب الانجليزي إلى أن اشتد الخطر في شوارع حمص فلم تعد تقدر على المخاطرة بالذهاب للجامعة إن سالي "تتذكر كل شيء".

وأضافت "تقول: أتتذكرين يا ماما عندما طرقوا الباب؟ أتتذكرين عندما أطلقوا الرصاص؟"

وتعمل الجالية السورية الصغيرة في سكرامنتو على دمج أسرة عبد ربه في حياة المدينة. وقد استقبلت المدينة عاصمة ولاية كاليفورنيا والتي يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة أكثر من ألف لاجيء أغلبهم من أفغانستان والعراق خلال العام الأخير.

وقال طبيب سوري المولد يساعد في توطين الأسر المهاجرة إن الأسر التي تنحدر من أصول سورية وكانت تعيش في سكرامنتو عندما بدأت أزمة اللاجئين - ويبلغ عددها 15 أسرة - تعمل مع الجاليات الوافدة من الشرق الأوسط والجاليات المسلمة لإيجاد شقق للاقامة والتبرع بأثاث وملابس للأسر اللاجئة.

وقال الطبيب الذي طلب الإشارة إليه فقط بالاسمين الأول والاوسط محمد جابر لقلقه على أقاربه في سوريا إنه حالما تصل الأسر فإنها تواجه تحديات تتجاوز تعلم اللغة الانجليزية والبحث عن عمل.

وأضاف "ثمة أشياء كثيرة نفترض أنها مسلم بها والناس لا تستطيع أن تتخيل كيف تفعلها. حتى شيء بسيط مثل حجز موعد عند الطبيب."

وفي الوقت الذي يساعد فيه الطبيب على إعادة توطين الآخرين فإنه يشعر بالقلق على شقيقه الذي مازال في سوريا مع طفليه ويحاول الخروج من البلاد.

ويواجه عبد ربه مهمة شاقة لاكتساب المهارات اللازمة في الولايات المتحدة. وتتمثل الأولوية القصوى في نظره في تعلم اللغة الانجليزية والبحث عن عمل. وعبد ربه مخترع حاصل على ثلاث براءات لابتكاره آلآت لتغليف الحلوى.

لكن وجوده في أمريكا منحه شعورا بالتفاؤل بمستقبل أسرته للمرة الأولى منذ سنوات.

وقال عبد ربه "عندما جئت إلى هنا ومن اليوم الأول لم أعد أشعر بأنني لاجيء. شعرت بأني مواطن أمريكي.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه