ذكرت دراسة حديثة صادرة عن مركز "كارنيجي" أن منطقة الخليج بحاجة لنظام إقليمي جديد، تلعب فيه طهران وبغداد دوراً مسانداً لدول مجلس التعاون، وبناء على ذلك فإن واشنطن ملزمة بلعب دور الحياد في صراع النفوذ الدائر في المنطقة، خصوصاً بين الرياض وطهران.
وتشير الدراسة إلى أن جوهر المعضلة الأمنية في المنطقة يكمن في تضارب الرؤى: إذ تسعى إيران إلى خروج القوات الأميركية، كي تتمكّن من ممارسة ما تعتبره سلطتها المُحقّة على المنطقة؛ في حين تريد دول الخليج العربية من الولايات المتحدة موازنة القوة الإيرانية.
وتقول الدراسة أن مجلس التعاون الخليجي، يعاني من أوجه قصور عدّة.
وعددت الدراسة التي أعدها الباحثان فريدريك ويري، ريتشارد سوكولسكي أوجه القصور في المجلس:
أولاً، هذا المجلس، وبحسب تكوينه في الوقت الحالي، ليس أكثر من تحالف دفاع جماعي بحكم الأمر الواقع ضد إيران. وهو يستبعد إيران والعراق، وقوى خارجية لها مصلحة قوية في أمن المنطقة، مثل الصين والاتحاد الأوروبي والهند واليابان وروسيا والولايات المتحدة.
وثانياً، لا يوفّر مجلس التعاون الخليجي منصّةً متعدّدة الأطراف لإدارة الأزمات أو حلّ الصراعات أو تنفيذ التدابير الرامية إلى تعزيز الاستقرار.
ولا يوفّر المجلس آلية لدول الخليج لمناقشة صريحة للتهديدات والاحتياجات الأمنية.2 وهذا يمثّل إشكالية، لأن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحدّيات متعدّدة عابرة للحدود، تتطلّب قدراً أكبر من التعاون متعدّد الجنسيات.
وهذا يعني أنه يجب على بلدان منطقة الخليج أن تتحمّل المسؤولية الأساسية في الدفاع عن نفسها، وذلك بهدف الحدّ جزئياً من أكلاف ومخاطر الأعباء الأمنية الثقيلة التي تقع على كاهل الولايات المتحدة في هذه المنطقة.
ثالثاً، العديد من التحدّيات التي تواجه الخليج تتجاوز الحدود الوطنية، وبالتالي لايمكن معالجتها إلا من خلال التعاون متعدّد الأطراف.
رابعاً، تمثّل الضغوط الداخلية المتصاعدة، وليس العدوان الإيراني المباشر، أكبر تحدٍّ طويل الأمد لاستقرار دول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، ساهمت إيران بصورة غير مباشرة في مفاقمة هذه التحدّيات الداخلية. وأدّى تدخّلها في المنطقة، جنباً إلى جنب مع إخفاقات الحوكمة العربية، إلى إذكاء التطرّف السنّي.
خامساً، ينبغي على دول الخليج العربية إجراء إصلاحات داخلية، تهدف إلى توفير أمن أكثر استدامة لمواطنيها، والحدّ من جاذبية الإيديولوجيات المتطرّفة، وتقليص فرص التدخّل الإيراني. وعلى الرغم من ذلك، ثمّة حدود واضحة لما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة لتشجيع هذه الإصلاحات.
سادساً، يجب ألّا تنحاز أميركا إلى أي طرف في التنافس الطائفي والجيوسياسي بين إيران والمملكة العربية السعودية. عليها بدل ذلك أن تعمل على إقامة توازن جديد بين البلدين. فقد يزيد إيجاد إطار عمل لمشاركة أميركية أكثر إيجابية ومستدامة مع إيران، نفوذَ الولايات المتحدة لدى دول أخرى في المنطقة.
هيكل أمني
ولاحظ الباحثان أن نهج أميركا تجاه أمن الخليج لم يتضمن التزاماً بالعمل مع دول في المنطقة لبناء هيكل أمني أكثر شمولاً للجميع، من شأنه أن يشمل دول مجلس التعاون الخليجي وإيران والعراق، وقوى خارجية أخرى هامة.
ومع ذلك، فإن وجود منتدى أمني فاعل ومتعدّد الأطراف، سيعزّز الاستراتيجية الأمنية الأميركية الحالية للخليج الفارسي والعديد من الفرضيات الأساسية التي تدعمها. فهي ستنقل المزيد من مسؤوليات إصلاح مشاكل المنطقة إلى الدول المحلية، بينما تشجّع الأطراف المعنية المسؤولة من خارج المنطقة على تقاسم المزيد من الأعباء الأمنية.
ويمثل مجلس التعاون الخليجي منظمة دفاع جماعي ضد إيران (وضد المعارضة الداخلية للحكم الملكي). وتعكف الولايات المتحدة وأعضاء مجلس التعاون الخليجي، بصورة فردية وجماعية، على وضع برامج لتحسين القدرات الدفاعية الجماعية للمجلس، وخاصة في مجالات الدفاع الصاروخي والتعاون البحري وأمن الفضاء الإلكتروني.
ومع ذلك، فقد استبعدت الولايات المتحدة تقديم ضمانات رسمية بالدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، أو أي التزام صارم بالدفاع عن هذه الدول ضد أي هجوم خارجي مشابه للالتزام الوارد في المادة 5 من ميثاق حلف شمال الأطلسي.
وكما قال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر2014، "لقد حان الوقت لإجراء مفاوضات أوسع، تستطيع الدول الكبرى أن تبحث خلالها تناقضاتها مباشرة وبصراحة وبصورة سلمية وجهاً لوجه، وليس من خلال وكلاء مدجّجين بالسلاح".
كرّر أوباما هذا الرأي في أيار/مايو2015، في أعقاب القمة التي عُقدت في كامب ديفيد بين الولايات المتحدة ودول مجلس
النصر لنا
عاشت المملكة