2016-01-18 

من «إيران كونترا» إلى الاتفاق النووي

أيمـن الـحـمـاد

الرياض -  لم يكن الرئيس أوباما مصراً على أمر أكثر من إصراره على إنجاز الاتفاق النووي مع إيران؛ فسيد البيت الأبيض أيقن مبكراً عدم قدرته مقارعة الإسرائيليين وجلب السلام الكبير إلى المنطقة واشتبه عليه الأمر فظن ان تلك الاتفاقية النووية قد تجلبه، دون أن يلتفت لمعطيات المنطقة التي تتشابك خيوطها وتتعقد فيكون حل أمر ما يستوجب حل الآخر وهكذاكان واضحاً أن الرئيس الأميركي أمام خيارين، إما أن يضغط على الإسرائيليين فيظفر بتنازلات لاتفاق سلام أو أن يضغط على العرب والمنطقة ليحصل على الاتفاق النووي، واختار الأخير.

 

وبغض النظر عن الرئيس نفسه أو عن حتى الحزب الديموقراطي الذي يمثله تظل عقيدة المصلحة تحكم الإدارات الأميركية حتى من الجمهوريين الذين ألحقوا إيران بمحور الشر، فالرئيس ريغان ونائبه جورج بوش الأب عقدا اتفاقاً مع إيران في العام 1985 لتزويدها بالأسلحة نظير إطلاق سراح بعض الأميركيين الذين كانوا محتجزين في لبنان، وبموجب هذا الاتفاق زودت واشنطن طهران بصواريخ نوعية لمساعدتها في حربها ضد صدام حسين، وقتها كانت دول الخليج تدعم العراق في حربه ضد إيران.

 

 وعندما اُكتشف الأمر قامت الدنيا ولم تقعد، فالولايات المتحدة باعت أسلحة لدولة عدو وهي إيران التي تصف أميركا بالشيطان الأكبر وتهتف بموتها واحتجزت دبلوماسييها أكثر من عام، والتاريخ اليوم يعيد نفسه تماماً، فالبيت الأبيض يعتق النظام الإيراني الذي يصفه وينعته بالإرهاب من العقوبات ليستكمل مشروعه الطائفي وليمارس أعماله العدائية. إن السلوك الأميركي حافز ومشجع لكل الأنظمة المؤذية حول العالم بالاستمراء والاستمرار في أعمالها التي من خلالها تستطيع تنفيذ أجندتها.

 

إن سياسة رفع العقوبات عن إيران تضع الولايات المتحدة أمام مسؤولية دولية لما يمكن أن يقدم عليه النظام في طهران الذي سيمول برامجه التخريبية المنتشرة في المنطقة، ويواصل تهديداته واستفزازه للجوار من خلال الأموال المفرج عنها أو تلك التي سوف يتسنى له الحصول عليها عبر عمليات بيع النفط أو التجارة بشكل عامالرئيس أوباما الذي يوصف بالمتردد، حتى أن وزير دفاعه السابق تشاك هاغل انتقده علانية في مقابلة مع «فورن بوليسي» باعتبار سياساته قد قللت من مصداقية الولايات المتحدة، فقد ذهبت واشنطن للتفاوض مع إيران دون موافقة الكونغرس وأصرت على موافقته عندما احتاج الأمر إلى قصف النظام السوري.

 

إن العقيدة المصلحية التي تؤمن بها الإدارة الأميركية تجعلنا على يقين أن مصلحة ما، خلف هذا الاتفاق النووي المشؤوم، وأن تلك المصلحة بالتأكيد ليست ثمن إطلاق السجناء الاميركيين من سجون إيران كما تم في صفقة «إيران – كونترا». لقد كان التبرير الذي ساقته إدارة ريغان عندما أبرمت صفقة الصواريخ مع إيران في العام 85 هو تمويل حركات «الكونترا» لمحاربة الشيوعية في نيكاراغوا، فما تبرير إدارة أوباما بالنسبة للاتفاق النووي؟

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه