2016-01-22 

من الصداقة إلى الشراكة

أيمـن الـحـمـاد

الرياض -  انتهت الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرياض، ولم تنته مفاعيل جولته الشرق أوسطية، فالزيارة التي اختتمت أمس الأول دشنت مرحلة جديدة بين الجانبين انتقلت فيها العلاقة بينهما من الصداقة الاستراتيجية إلى الشراكة الاستراتيجية، ومن هذا المنطلق يمكن فهم ما تمخضت عنه تلك الزيارة ونوعية الاتفاقيات التي أبرمت بين الطرفين السعودي والصيني وكذلك شمولية البيان الختامي الذي ألقى الضوء على ستة مجالات حيوية سيؤدي تفعيلها والعمل عليها إلى وضع العلاقة بين الرياض وبكين في موقعٍ ريادي، يساعد على تجنيب تلك العلاقة اختلافاً قد تجلبه التحولات في المنطقة.

 

ويمكن فهم البيان المشترك وشموليته برغبة الجانبين الخروج من عباءة الطاقة على الرغم من أن الزيارة حملت معها افتتاح مشروع (ياسرف) النفطي والذي تشترك فيه المملكة والصين، إلا أن الرغبة في إضفاء العلاقات على مجالات أخرى تبدو مطلباً سعودياً مُلحاً يلتقي مع ترحيب صيني، وهذا يدل على أن الرياض ترى أنها يمكن أن تجد في بكين مستورداً للنفط ومصدراً للتقنية والعلوموبالمناسبة فإن الصين من الدول القليلة التي دائماً ما ترحب في إطار شراكتها في القطاعات المختلفة بنقل التقنية، وهو أمر يشجع الدول على التعاون معها، خلاف دول تريد أن تبقي علاقتها مع الدولة الأخرى علاقة مشتر وبائع.

 

إن دلالات قيام الصين وعزمها دفع مستوى العلاقات مع المملكة نابعة من إحساس بكين بقدرة المملكة والثقة بها، خصوصاً وأن الجانبين قد دشنا علاقاتهما في 1990 بصفقة الصواريخ الاستراتيجية والتي لم تكن لتتم بين دولتين لم يطبعا بعد العلاقات بينهما لولا بعد النظر والاهمية الاستراتيجية التي ينظر لها كلا الطرفين تجاه بعضهما.

 

ينتظر أن يصل اليوم الرئيس الصيني إلى إيران والتي تعتبر من الدول التي تربطها مع الصين علاقات قديمة ومتنوعة، وتأتي هذه الزيارة في ظل رفع العقوبات بموجب الاتفاق النووي الذي كانت الصين أحد أطرافه، لكن الرئيس شي جين بينغ وأثناء لقائه بالقيادات الإيرانية مدعوٌ لتبيان الضيق الذي يحيط بجيران إيران نظير ممارساتها العدوانية، ووجوب تأمين الاستقرار والازدهار في المنطقة باعتباره خياراً لا بد منه، وعلى هذا الأساس، فإن بإمكان الصين الضغط على إيران، فأحد أهم مرتكزات العقيدة السياسية الصينية قيامها على أحد أهم الثوابت وهو احترام الجار، وعدم التدخل في شؤونه، وهذا يتطلب جهداً صينياً لن يكون سهلاً، وعلى بكين تبيان أن ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات والعراق شركاء استراتيجيون بالنسبة للصين، وعلى هذا الأساس فإن الضغط من هذا المنطلق قد يُشعر الايرانيين بشيء من المسؤولية رأينا إرهاصاتها يوم أمس الأول من خلال تصريحات خامنئي الذي رأى في الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد أمراً سيئاً.

 

إن من الضروري العمل على ما تم خلال زيارة الرئيس الصيني، واعتباره نقطة تحول في العلاقات بين المملكة والصين، وعدم إهمال أي من الجوانب أو تغليب أحدهما على الآخر، بل يجب أن تشكّل تلك المجالات التي نص عليها البيان المشترك عجلات لدفع العلاقات من أجل أن تمضي بشكل مطرد كما نعرفها دائماً بين الرياض وبكين

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه